أم كيف عُرف كم اختلف بطنُ فرعون إذ ذاك؟ ومَن الذي كان يراقبه ويعدُّ ذلك الحدثَ عليه؟ فلا شكَّ أن هذا الخبر من أباطيل بني إسرائيل.
- ثم ذكر بعدَه المؤلفُ عن الحسن أنه قال: ولمَّا عاينَ ذلك قال: يا موسى، ارجع يومَك هذا وكفَّ ثعبانَك هذا، قاله سرًّا دون أصحابه، وقال لأصحابه:{إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ}[الأعراف: ١٠٩]، وقال له: يا موسى، ألَا رَفَقْتَ بالأمر، قتلتَ خمسة وعشرين ألفًا، بهذا أمرك ربُّك الذي بعثك؟ قال: يا فرعونُ، أنت فعلتَ هذا، يا فرعونُ أسألُك واحدةً وأعطيك أربعًا، قال: وما الَّذي تسألني؟ قال: أسألُك أن تعبدَ اللَّه وحده ولا تشركَ به شيئًا، وأعطيك الشبابَ لا تهرم، والملكَ لا ينازعك فيه أحد، والصحةَ لا تَسقم، والجنةَ خالدًا، فخضع له فرعون وقال: حتى أستأمرَ آسيَةَ بنتَ مزاحمٍ، فدخل عليها فقال لها: يا آسيةُ، ألَا ترَيْن إلى موسى إلى ما يَدْعوني وما يعطيني؟ قالت: وما هو؟ قال: يدعوني إلى أنْ أعبدَ اللَّه ولا أشركَ به شيئًا، وأنَّ لي الشبابَ لا أهرمُ، والملكَ لا ينازعُني فيه أحد، والصحةَ لا أسقمُ، والجنةَ خالدًا، قالت: يا فرعون، وهل رأيتَ أحدًا يصيب هذا فيَدعَه؟ قال: فخرج فدعا هامانَ -قال الحسن رحمه اللَّه: وكان لا يُعرف له نسبٌ- فذكر له ذلك واستشاره، فقال له هامان: اتعبدُ بعد إذ كنتَ تُعبد؟! فبدا له وذكرَ أمرَ الشيب، فقال: أنا أردُّك شابًّا، فخضَبه بالسواد، وهو أولُ مَن خضب بالسَّواد، فدخل على آسية، وقال: يا آسية، ألَا تَرَيني صرتُ شابًا؟ قالت: مَن فعل هذا بك؟ قال: هامان، قالت: ذاك إن لم يَنْصَلُ.
وهذا أيضًا رواه ابنُ عساكر في "تاريخه"، وليس هذا بأحسنَ من سابِقِه، ولا شكَّ أنه مكذوبٌ على الحسن، ومَن وضعه كذابٌ خبيث، فقد رواه ابن عساكر من طريق إسحاقَ بنِ بشرٍ عن يزيدَ بنِ إبراهيمَ عنه، وإسحاقُ بن بشرٍ هو صاحب كتاب