للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أبا بكرٍ؟ " فقال: اللَّهَ ورسولَه، فقال عمرُ لأبي بكرٍ: بنفسي أنتَ، ما سابقنا (١) في بابِ خيرٍ قطُّ إلَّا سبقتنا إليه، فأنزل اللَّهُ تعالى هذه الآيةَ (٢).

ودلَّت الآيةُ على أنَّ صرفَ الزكاة إلى صنفٍ واحدٍ مِن الأصناف الثمانية جائزٌ، وهو مذهبنا؛ لأنَّ اللَّهَ تعالى جعل الإخفاءَ خيرًا، وهذا أقربُ إلى الإخفاء، ولأنَّه (٣) جعل إيتاءَ الفقراءِ خيرًا وهم صنفٌ واحدٌ منهم.

* * *

(٢٧٢) - {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ}.

وقوله تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}: أي: ليس عليكَ يا محمَّد أنْ تُرشد الكفار، ولكنَّ اللَّه يرشدُ مَن يشاء، والخطابُ خاصٌّ، والمراد عامٌّ يتناول كلَّ أهل الإسلام.

وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: هذه الآيةُ تردُّ على المعتزلة: أنَّ كلَّ الهدى البيان (٤)، فلو كان كذلك لكان رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يَملك ذلك كلَّه؛ إذ عليه البيانُ.

قال: وقيل: أي: ليس عليكَ حسابُ تركِ اهتدائهم، وهذا كقوله: {مَا عَلَيْكَ مِنْ


(١) في (ر): "سبقناك".
(٢) رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (٢/ ٥٣٦).
(٣) في (أ): "لأنه".
(٤) في (ر) و (ف): "للبيان" والمثبت موافق لما في مطبوع "التأويلات".