للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: ٥٢]، وقال تعالى: {فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ} [الرعد: ٤٠] (١).

واتِّصال هذا الكلام بالنفقات المذكورة قبلَه وبعده (٢) يُعرَف بقصَّة نزولها:

قال ابنُ عباس رضي اللَّه عنهما: اعتمرَ رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عمرةَ القضاء، وكانت معه في تلك العمرة أسماءُ بنتُ أبي بكر رضي اللَّه عنهما، فجاءتها أمُّها قُتيلة وجدَّتها يَسألانها، فقالت: لا أُعطيكما شيئًا حتى أستأمرَ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فإنَّكما لستُما على ديني، فأَنزل اللَّهُ تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ} أي: من مالٍ {فَلِأَنْفُسِكُمْ} الثواب {وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا} وما تتصدَّقوا (٣) {مِنْ خَيْرٍ} مِن مالٍ {يُوَفَّ إِلَيْكُمْ}؛ أي: يوفَّر عليكم {وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ} فأمرها رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنْ تتصدَّق عليهما، فأَعطتهما ووصلتهما (٤).

وقال الكلبيُّ رحمه اللَّه: إنَّ ناسًا مِن المسلمين كانت لهم أصهارٌ مِن اليهود ورضاعٌ، وكانوا ينفعونهم (٥) قبلَ الإسلام، فلمَّا أَسلموا كرهوا أنْ


(١) انظر: "تأويلات أهل السنة" (٢/ ٢٦٥).
(٢) في (أ) و (ف): "قبلها وبعدها".
(٣) في (أ): "تصدقوا".
(٤) انظر: "تفسير الثعلبي" (٢/ ٢٧٤)، و"أسباب النزول" للواحدي (ص: ٩٠)، كلاهما عن الكلبي، فالأرجح أن روايته عن ابن عباس هي من طريق الكلبي، وهو متروك. والقصة وردت مختصرة في الصحيحين من حديث أسماء رضي اللَّه عنها، لكن دون ذكر لسبب النزول، رواها البخاري (٢٦٢٠)، ومسلم (١٠٠٣). بل جاء في رواية عند البخاري برقم (٥٩٧٨) أنها سبب نزول قوله تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ} [الممتحنة: ٨].
(٥) في (ف): "ينفقونهم"، وفي (أ) و (ر): "ينفقوا عليهم"، والمثبت من المصادر.