للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ينفعوهم (١)، فاستأمروا رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فنزل: {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ} فأَعطوهم بعد نزول هذه الآية (٢).

وقوله تعالى: {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ} (ما) كلمةُ شرطٍ، و {تُنْفِقُوا} جزمٌ به، وعلامةُ جزمه حذفُ (٣) النون مِن آخره، وقوله: {فَلِأَنْفُسِكُمْ} جزاؤه؛ أي: كلُّ شيءٍ أَنفقتم مِن مالٍ فثوابُه لكم.

وقوله تعالى: {وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ} ذكروا (٤) له وجوهًا كثيرةً، وهي ترجع في الحاصل إلى ثلاثة:

أحدها: أنَّ {وَمَا} للنفي، و {تُنْفِقُونَ} إثباتٌ، و {إِلَّا} استثناءٌ، وهو كلامٌ تامٌّ، وهو تمهيدُ عذرٍ لهم فيما يُعطونه أقرباءَهم الكفارَ؛ أي: ولستم تُنفقون على الكفار مِن أقربائكم إلَّا بأمرِ اللَّهِ؛ لابتغاء مرضاتِ اللَّه.

والثاني: الواو للحال، و {وَمَا} بمعنى (لا)، وهو متَّصلٌ بالكلام الأوَّل، وتقديره: وما تُنفقوا مِن خيرٍ وأنتم لا تنفقون ذلك إلَّا ابتغاءَ وجهِ اللَّهِ، فلأنفسكم ثوابُ ذلك.

والثالث: أنَّ هذا نفيٌ، ومعناه النهيُ، وكثيرٌ مِن المناهي وردت على طريقة النفي، كقوله عليه الصلاة والسلام: "لا يستام الرجلُ على سومِ أخيه" (٥)، ومعنى هذا: ولا


(١) في (ف): "ينفقوهم"، وفي (أ): "ينفقوا عليهم".
(٢) انظر: "تفسير الثعلبي" (٧/ ٣٣٤) ط: دار التفسير، و"أسباب النزول" للواحدي (ص: ٩٠)، كلاهما عن الكلبي، ودون نسبة في "الكشاف" (١/ ٣١٧)، و"تفسير البيضاوي" (١/ ١٦١).
(٣) في (أ): "وعلامة الجزم سقوط".
(٤) في (ف): "ذكر".
(٥) رواه الإمام أحمد في "المسند" (٩٨٩٩)، والبخاري (٢٧٢٧)، ومسلم (١٥١٥)، ولفظه في =