للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقيل: هو ابتداءٌ، وجوابُه محذوفٌ في آخره؛ أي: للفقراء الذين لهم (١) حقٌّ في مالكم.

وقوله تعالى: {أُحْصِرُوا}؛ أي: مُنعوا، وقد فسَّرناه في آية الإحصار في الحجِّ على الاستقصاء.

وقوله تعالى: {فِي سَبِيلِ اللَّهِ}؛ أي: في طريق رضا اللَّه، وهم أصحابُ الصُّفَّة؛ وكانوا أربعَ مئةِ إنسانٍ، لم يكن لهم مساكنُ بالمدينة ولا عشائرُ، فكانوا (٢) يَخرجون في كلِّ سريَّة بعثها النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثم يرجعون إلى مسجد النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-.

ومعنى إحصارِهم في سبيل اللَّه هاهنا: أنَّ اشتغالهم بطاعة اللَّه تعالى وطلبِ مرضاته ومحبة (٣) رسوله قد أَحصرهم في مدينة الرسول وفي مسجده.

وقوله تعالى: {لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ}: أي: سيرًا في البلاد، كما قال تعالى: {وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ} [المزمل: ٢٠] ومعنى عدمِ الاستطاعة: أنَّهم يَكرهون المسيرَ (٤) لئلا تفوتهم صحبةُ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهذا كقوله تعالى: {وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا} [الكهف: ١٠١]؛ أي: يكرهون سماعه ولهم آلاتُ السماع.

وقيل: {لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا} أي: لا يضربون في الأرض، فنفيُ الاستطاعة بنفي (٥) الضرب، وهي دلالةٌ واضحةٌ أنَّ (٦) حقيقة الاستطاعة مع الفعل، وهي حجَّة لنا على المعتزلة.


(١) في (أ) و (ف): "هذه صفتهم".
(٢) في (أ): "وكانوا".
(٣) في (أ): "وصحبة".
(٤) في (أ): "السير".
(٥) في (ر): "تنفي".
(٦) تحرفت في (ر) و (ف) إلى: "أي".