للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ}: أي: يظنُّهم الجاهلُ بحالهم مِن تعفُّفهم (١) -أي: بسببِ قناعتهم وامتناعهم عن (٢) مباسطة الناس وعن كشفِ حالِهم لهم (٣) - أغنياءَ.

وقوله تعالى: {تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ} قيل: الخطابُ للنبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقيل: لكلِّ راغبٍ في معرفة حالهم، يقول: تعرفُ فقرَهم بالعلامة في وجوههم مِن أَثَر الجوع والحاجة، وقد (٤) قيل: لسانُ الحال أوضحُ (٥) مِن لسان المقال.

والتوفيقُ بين هذا وبين الأوَّل: أنَّ (٦) مَن أراد معرفةَ حالهم بالسؤال لم يَصِل إليهم، لانهم لا يَسألون، لكنْ مَن نَظَرَ في وجوههم استدلَّ به على أحوالهم.

وقيل: معنى قوله: {تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ}: ليس تعرفُهم بفقرهم، بل نقول: تعرف آثارَ خشوعهم وكثرةَ صلاتهم بالليل بما ظهر في (٧) وجوههم مِن صُفرة السَّهر ونور (٨) قيام الليل.

وقوله تعالى: {لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا}: أي: إلحاحًا، وهو لزومُ السؤال، مِن اللِّحاف الذي يُلازم الملتحِفَ به، وظاهره نفيُ سؤالهم على


(١) في (ر) و (ف): "التعفف".
(٢) في (ر) و (ف): "من".
(٣) في (ر): "أنهم".
(٤) "قد": من (أ).
(٥) في (أ): "أفصح".
(٦) في (ف): "أي".
(٧) في (ف): "على".
(٨) قوله: "نور" لم يرد في (أ)، وجاء في (ر): "وتورم".