للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الأئمَّة، جمال الإسلام والمسلمين، أبو حفصٍ عمرُ بن محمدِ بن أحمدَ النسفيُّ (١)، سترَ اللَّه عيبَه ورَحِمَ شَيبه، رحمةُ اللَّه عليه (٢): طال ما سألتُموني معاشرَ أهل العلم -آتاكُم اللَّه سُؤلَكم، وسهَّل إلى المرادات وصولَكم- جمعَ كتابٍ في تفسيرِ القرآن سهلٍ ممتنعٍ، وجيزٍ مستَجمِع، شغَفًا منكم بكلامي، وحبًّا منكم (٣) واستعذابًا لنظامي، وثقةً باختياري، ورضًى بإيرادي وإصداري، فوجدتُم مني تأبِّيًا بأعذار، وتأنِّيًا على حِذَار، واعتلالًا بأنَّ الكلام في كتاب اللَّهِ شديد، والأمدَ في إنهائه بعيد، والذِّهنَ في الكِبَر كليل، والخاطرَ على تَرادُف العلَل عليل، والشُّغلَ بوظائف الخاصَّة وحوادثِ العامة آناءَ الليل والنهار غيرُ قليل، وخَطْبَ تفرُّق القلب بكثرةِ العيال وقلَّةِ المال جليل.

ثم رغباتُ الملتمِسِين في قَدْر ذلك الكتاب وكيفيَّتِه مختلِفة، والشهواتُ على نمطٍ واحدٍ منه غيرُ مؤتلِفة، وإرضاءُ الجميع ممتنِع، ورجاءُ الاجتماع مُنقطِع، وهذا التعليلُ على هذا التطويل لم يَفُلَّ حدَّكم، ولم يُقلَّ جِدَّكم، بل أبَيتُم مني إلا الإجابةَ بَدْءًا وعَودًا، والإيجابَ إرادةً ورَودًا، فاسترسَلْتُ لكم بعد الجِمَاح، واستشعرتُ لكم بخَفْضِ (٤) الجَناح، واستَخَرْتُ اللَّهَ تعالى في إسعافكم بمرادكم، واستَعَنْتُه على مساعدتكم وإسعادِكم، وشَرَعْتُ فيه مستَعِيذًا باللَّه تعالى ومستَجيرًا، وكفَى باللَّه وليًّا وكفَى باللَّه نصيرًا.


(١) في (ف): "قال العبد الضعيف عمر بن محمد بن أحمد النسفي"، وجاء في هامشها كالمثبت لكن دون كلمة: "الحجاج".
(٢) من قوله: "ستر اللَّه عيبه. . . " إلى هنا، وقع بدلًا منه في (أ): "رحمه اللَّه".
(٣) "وحبًا منكم" من (ف).
(٤) في (أ) و (ف): "واستشعرت خفض".