للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فأقولُ وباللَّهِ التوفيقُ، والهدايةُ إلى سواءِ الطريق:

الناس في معنى التفسيرِ والتأويل بين التَّقصير والتَّطويل، ولنا على التوسُّط التعويلُ؛ فنقول:

التفسير: علمُ نزول الآية وشأنِها وقصَّتِها، والأسبابِ (١) التي نزلت فيها، والأقوامِ الذين أُريدوا بها، ولا يُتكلَّم إلا بالسَّماع.

والتأويل: صرفُ الآية إلى معنًى تحتمِلُه موافقٍ لِمَا قَبْلَها وما بعدَها.

فأمَّا مأخذُهما: فقد قال ثعلبٌ: التفسير مأخوذٌ من قول العرب: فسَّرتُ الفرس، إذا ركَضْتَها ليَنْطلقَ حُضْرُها (٢)، فالتفسيرُ: كشفُ ظاهرِ الآية ليَظْهرَ مرادُها.

وقال الدُّريديُّ (٣): أصلُه من التَّفسرةِ، وهي الدليلُ من ماءِ العَليل الذي ينظر فيه


(١) في (ف): "وأسبابها"، وفي هامشها: "والأسباب".
(٢) ضبطت الحاء في (أ) و (ر) بالضم، والحُضْر -بضم الحاء- كما في "القاموس" (مادة: حضر): ارتفاع الفرس في عَدْوه. وقول ثعلب نقله أبو حيان بلفظ: (فسرت الفرس: عرَّيته لينطلق في حُضره)، ثم قال: (وهو راجعٌ لمعنَى الكشفِ، فكأنَّه كَشَفَ ظهرَه لهذا الذي يريدُه منه مِن الجَرْي)، وهذا يدل على أن الكلمة بالحاء والضاد، لكنها وقعت في بعض المصادر بالحاء والصاد، قال الثعلبي: هو من قول العرب: فسرتُ الفرس: إذا ركضتَها مصورة لينطلق حَصِيرها. وأوضح من هذا قول الفيروزأبادي: وقيل: اشتقاقه من قول العرب: فسَرت الفرس وفسَّرته؛ أَي: أَجريته وأَعديته إِذا كان به حُصْر، ليستطلِق بطنُه، وكأَن المفسِّر يُجري فرس فكره في ميادين المعاني ليستخرج شرح الآية، وَيُحلَّ عقْد إِشكالها. انظر: "تفسير الثعلبي" (١/ ٨٦)، و"البحر المحيط" (١/ ٣٦)، و"بصائر ذوي التمييز" للفيروزأبادي (١/ ٧٨).
(٣) الدُّريدي بضم الدال المهملة وفتح الراء، هذه النسبة إلى الجد، وعرف بها أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد بن عتاهية الأزدي الدوسي، بصري المولد نشأ بعمان وطلب الأدب، وورد بغداد بعد أن =