للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والثالث: أن تكون شهادته ظاهرةً، ولكنْ إذا طلبها المدَّعي منه امتَنع وكتم تلك الشهادة.

وقوله تعالى: {فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} قيل (١): أي: فاجر قلبُه، وقيل: أي: مؤاخَذٌ (٢) به قلبُه.

وإنما علَّقه به لأن الكتمان يكون من القلب، ولأنه يكون بقصدِ القلب إلى ذلك.

وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: إن أصلَ الإثم ينشأُ من القلب، قال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنَّ في الجسد مضغةً إذا صَلَحت صلَح لها سائرُ الجسد (٣)، وإذا فسَدَت فَسَد لها سائر الجسد، ألَا وهي القلب" ثم يشيع في البدن، فلذلك أضافه إلى القلب، قال تعالى: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} [البقرة: ٢٢٥] وقال: {وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب: ٥] (٤).

وقوله تعالى: {وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ}: هذا وعدٌ ووعيدٌ على ما مرَّ مرَّات.

* * *

(٢٨٤) - {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.

وقوله تعالى: {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ}: كلمة (ما) تتناول ما فيهما ومَن (٥)


(١) "قيل" ليست في (ف).
(٢) في (ف): "يؤاخذ".
(٣) كتب فوقها في (ر) كلمة: "كله". ولفظ الصحيحين: "صلح لها الجسد كله"، وكذا بعدها: "فسد لها الجسد كله".
(٤) انظر: "تأويلات أهل السنة" (٢/ ٢٨٨).
(٥) في (أ): "تتناول من".