للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فيهما؛ أي: فليس يخفَى عليه من أسرار خلقه وأفعالهم شيءٌ (١)، فمَن ائتَمر بأوامره وانتهَى بنواهيهِ عَلِم ذلك، ومَن خالف ذلك علِم ذلك، حثَّهم (٢) على العمل بكلِّ ما في هذه الآية وما قبلها.

وقوله تعالى: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ}: أي: ما في قلوبكم من كتمان الشهادة وغيرِ ذلك، وهو كقوله: {وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا} الآية [النساء: ١٣٥]، دلَّ ظاهره على المؤاخَذة بما يكون من القلب.

وجملتُه: أن عزمَ الكفرِ كفرٌ، وخطرةَ الذنوب من غير عزمٍ مغفورة (٣)، وعزمَ الذنوب إذا ندم عليه ورجع عنه (٤) واستغفر منه مغفورٌ، فأما الهمُّ بالسيئة ثم يُمنع (٥) عنه بمانعٍ لا باختياره وهو ثابت على ذلك، فإنه لا يعاقب على ذلك عقوبةَ فعله، يعني: بالعزم على الزنا لا يعاقَب عقوبة الزنا، أما هل يعاقَب على العزم عقوبةَ عزم الزنا؟ قيل: هو معفوٌّ عنه؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: "إن اللَّه تعالى عفا لأمَّتي عما (٦) حدَّثت به أنفُسَها ما لم تعملْ (٧) أو تتكلَّم به" (٨).


(١) في (ر): "فليس شيء من أسرار خلقه وأفعالها خاف عليه".
(٢) في (ف): "وحثهم".
(٣) في (أ): "معفوة".
(٤) في (ف): "إذا ندم عليها ورجع عنها".
(٥) في (ر) و (ف): "يمتنع".
(٦) في (أ): "عفا عن أمتي ما" بدل: "عفا لأمتي عما"، ولفظ الصحيحين: "تجاوز لأمتي عما"، وفي رواية للبخاري: "تجاوز عن أمتي ما"، وفي رواية لمسلم: "تجاوز لأمتي ما".
(٧) بعدها في (ر): "به"، وهي رواية للبخاري.
(٨) "به": من (أ)، ولم ترد عند البخاري. والحديث رواه البخاري (٥٢٦٩) و (٦٦٦٤)، ومسلم (١٢٧)، عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه.