للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ} وفي مصحف عبد اللَّه بن مسعود -وهو قراءة جماعة من التابعين رضوان اللَّه عليهم أجمعين-: {ولا يُفرِّق} بالياء ردًا إلى قوله: {كُلٌّ} (١).

والقراءة الظاهرة: {لَا نُفَرِّقُ} بالنون، وفيه إضمارٌ؛ أي (٢): يقولون، وهو في كثير من الآيات (٣): {اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ} [الزمر: ٣] قالوا: ما نعبدهم.

و {أَحَدٍ} بمعنى: آحاد، كما في قوله تعالى: {فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ} [الحاقة: ٤٧]، وقال رُؤْبةُ:

إذا أمورُ الناس دِيكَتْ دوكًا... لا يَرهبون أحدًا رَأَوكا (٤)

ومعناه (٥): بين أحدٍ من رسله وسائرِهم، كتفريق (٦) اليهود والنصارى بالإيمان ببعض الرسل والكتبِ دون بعض.

وقوله تعالى: {وَقَالُوا سَمِعْنَا}: أي: بآذاننا {وَأَطَعْنَا}؛ أي: بأبداننا.


(١) وهي قراءة يعقوب من العشرة. انظر: "النشر" (٢/ ٢٣٧)، وعزاها الزمخشري في "الكشاف" (١/ ٣٣١) لأبي عمرو، وهي خلاف المشهور عنه.
(٢) "أي": من (ف).
(٣) في (ر): "وهو كثير في الآيات".
(٤) عزاه الثعلبي في "تفسيره" لرؤبة كالمصنف وليس في ديوانه، وذكره القرطبي في "تفسيره" (٤/ ٤٩٧)، وأبو حيان في "البحر" (٥/ ١٤٠) دون نسبة. قوله: (ديكت دوكًا)؛ أي: ديست دوسًا وطحنت طحنًا، قال في "الأساس" (مادة: دوك): داكوهم دوكًا: داسوهم وطحنوهم، وتداوكوا في الحرب، ووقعوا في دوكة: في شر أعمالهم.
(٥) في (أ): "أو معناه لا نفرق".
(٦) في (أ) و (ف): "تفريق".