للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ثم ذكر المؤمنين والكافرين ونَصْرَ اللَّه المؤمنين على الكافرين بقوله تعالى: {وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ} [آل عمران: ١٣].

ونزول أولها في شأن وفد (١) نجران: ذكر محمد بن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير قال: قدِم على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وفدُ نجرانَ سبعون راكبًا فيهم أربعةَ عشرَ رجلًا من أشرافهم، وفي الأربعة عشرَ ثلاثةُ نفر إليهم يَؤول أمرُهم (٢): العاقبُ أميرُ القوم وذو رأيهم وصاحبُ مشورتهم، لا يَصْدُرون إلا عن رأيه، واسمُه: عبد المسيح، والسيدُ ثِمالُهم (٣) وصاحب رَحْلهم ومجتمَعهم، واسمه: الأَيْهَم، وأبو حارثةَ بنُ علقمةَ أخو بكرِ بن وائلٍ أُسْقُفُّهم وحَبرُهم وصاحب مدارسهم (٤) من علمه واجتهاده (٥)، وكانت ملوك الروم قد شرَّفته ونوَّلته وأكرمته (٦) لِمَا يبلغهم عنه من علمه واجتهاده في دِينهم.

فلمَّا وجَّهوا إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من نجرانَ كان أبو حارثةَ على بغلةٍ له وإلى جَنبه أخٌ له يقال له: كُرْزُ بن عَلْقمةَ، يسير معه، إذ عثَرت بغلةُ أبي حارثة فقال كُرْزٌ: تَعِسَ الأَبْعدُ! يريد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال أبو حارثة: بل أمُّك تَعِست! فقال: ولمَ؟ قال: واللَّه إنه لَلنَّبيُّ (٧) الذي كنا ننتظِر، فقال له كرز: فما يمنعك منه وأنت تعلمُ هذا؟ قال: ما


(١) في (ف): "وفد بني".
(٢) كتب بعدها في (ف) في الهامش: "إليهم".
(٣) في هامش (ف): "الثمال: الغياث، وثمال قومه؛ أي: غياث لهم يقوم بأمرهم".
(٤) (المدارس) قال الشهاب في "حاشيته على البيضاوي" (٢/ ٢١١): بيت اليهود الذي يدرسون به كتبهم، جمع مدراس. قلت: وجاء في بعض المصادر: (المدراس) بلفظ المفرد.
(٥) "من علمه واجتهاده": من (ف)، ولم ترد في المصادر.
(٦) في المصادر: (شرفوه ومولوه وأخدموه).
(٧) في (ف): "إنه واللَّه النبي".