للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا}، وعلى القول الثاني هذا في موضع الحال، وتقديره: قائلين آمنا به، فيُستغنى به عن حرف العطف، وهو كقول الشاعر:

الرِّيح تَبكي شَجْوَهُ... والبَرْقُ يَلمعُ في غمامَه (١)

أي: والبرق يَبكي أيضًا لامعًا؛ أي: حالَ لمعانِه.

وقيل: الراسخون في العلم: عبد اللَّه بنُ سلام وأصحابُه، قاله مقاتل بنُ حيَّان (٢).

وروى أنسٌ وأبو الدرداء وأبو أُمامة رضي اللَّه عنهم عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنَّه سُئلَ عن (٣) الراسخين في العلم، فقال: "مَن برَّت يمينُه، وصدَقَ لسانُه، واستقام قلبُه، وعَفَّ بطنُه وفَرْجُه؛ فذاك مِن الراسخين في العلم" (٤).

فإن قالوا: ما الفائدةُ في إنزال المتشابه، ولو كان الكُلُّ محكمًا لم يُختلَف في شيءٍ؟.

قلنا: أراد اللَّهُ جلَّ جلاله أنْ يمتحن عبادَه، فجعل مداركَ العلم على الاختلاف؛ فجعل بعضها جليًّا ظاهرًا، وبعضها خفيًّا غامضًا؛ ليُتوصَّل بالجليِّ إلى معرفة الخفيِّ


(١) البيت ليزيد بن مفرغ الحميري، وهو في ديوانه (ص: ١٤٣)، و"تأويل مشكل القرآن" لابن قتيبة (ص: ٦٧)، و"إعراب القرآن" للنحاس (١/ ٣٥٧)، و"الصاحبي" لابن فارس (ص: ٢٣٧)، و"المحرر الوجيز" (٥/ ٧٤)، و"خزانة الأدب" (٦/ ٤٧). ورواية الديوان:
فالريح تبكي شجوها... والبرق يضحك في الغمامه
(٢) رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (٢/ ٦٠٠).
(٣) في (أ): "من".
(٤) رواه الطبري في "تفسيره" (٥/ ٢٢٣ - ٢٢٤)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٢/ ٥٩٩)، والثعلبي في "تفسيره" (٨/ ٦٢ - ٦٤) (ط: دار التفسير). وفي إسناده عبد اللَّه بن يزيد بن آدم، قال عنه أحمد كما في "الميزان": أحاديثه موضوعة.