للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مِن قلوبهم في أسرعَ مِن طرفةِ عينٍ {وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ} وقد شاء تأييدَ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابِه {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً} للَّذين يُبصرون ما أمرهم به اللَّهُ، كقوله عزَّ وعلا: {وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} [العنكبوت: ٤٣].

فإنْ قالوا: أيُّ عبرةٍ في هذا والفئةُ القليلةُ المُبطِلة قد تغلبُ الفئةَ الكثيرةَ المحقَّة؟

قلنا: الآيةُ الواضحةُ والعبرةُ اللائحةُ في ذلك ليست نفسَ غلبةِ القليلِ الكثيرَ، بل معانٍ أُخَرُ:

منها: أنَّ المسلمين لم يكونوا مستعدِّين، وكان الكفار مستعدِّين على ما بيَّنَّا، وهذا في مثل هذا الحال لا يكون إلَّا بأمرٍ سماويّ.

ولأنَّ أبا جهلٍ -لعنه اللَّهُ- قال: اللَّهمَّ انْصُر أحبَّ الدِّينين إليك، فوقع ذلك ونزل: {إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ} [الأنفال: ١٩].

والثالث: أنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان أَخبر بذلك بقوله: سيُغلَبون، ونزل عليه قوله تعالى: {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ} [الأنفال: ٧].

ولأنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- رماهم بكفٍّ مِن ترابٍ، وقال: "شاهتِ الوجوهُ" فامتلأت مِن ذلك أعينُهم وعَمُوا وانهزموا، ونزل في شأنه: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} [الأنفال: ١٧].

فكانت العبرةُ في هذا كلِّه.

* * *

(١٤) - {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ}.