للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {رَأْيَ الْعَيْنِ}؛ أي: في رؤيةِ العين، وقد رأى رَأْيًا ورُؤيةً، وأكثرُ ما يُستعمَل في رؤية العين: الرؤية، وفي رؤية (١) القلب: الرَّأي (٢)، وفي النَّوم: الرؤيا.

فـ {رَأْيَ} نصبٌ بنزع (في)، وقيل: نصبٌ على الحال، وتقديره: رائين بأعينهم، والعينُ في معنى العيون؛ لأَنَّه جنسٌ، فصلح للجمع.

وقوله تعالى: {وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ}: أي: يقوِّي، والأَيْد والأَدُّ: القوَّة، والتأييدُ: التقويةُ.

وقوله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ}: أي: لآيةً، وسُمِّيت بها لأَنَّه يُعْبَر بها عن موضع الجهل إلى العلم، مِن العُبور وهو قَطْع النهر والنفوذُ، والاعتبارُ: الاستدلالُ بالشاهد على الغائب، والأبصار: جمع بَصَر، وهو رؤيةُ القلب، وكذلك البصيرة.

وقال مقاتل: إنَّ في نصر المؤمنين وهم قليلٌ، وهزيمةِ المشركين وهم كثيرٌ، لعبرةً لأُولي (٣) البصائر في أمرِ اللَّه تعالى.

وقال الحسن في تفسير هذه (٤) الآية -وهو وجهٌ آخَر سوى الذي قلنا-: {يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ}؛ أي: يَرَون الكفارَ أنَّهم أضعافُ المسلمين، وكذلك كانوا في الظاهر، وهو رأي العين، {وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ}؛ أي: يؤيِّد المؤمنين بخمسة آلافٍ مِن الملائكة والكفارُ لا يَرونهم، فأنتم في الباطن أكثرُ منهم، وهم في الظاهر أكثرُ منكم، فدخل في قلوب المؤمنين مِن ذلك رعبٌ، فأذهب اللَّهُ جلَّ جلاله ذلك


(١) "رؤية" لم يرد في (ف).
(٢) في (ر) و (ف): "الرؤية" والصواب المثبت كما سيأتي في سورة يوسف.
(٣) في (ف): "لأهل".
(٤) "هذه": زيادة من (ف).