للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {فَإِنْ حَاجُّوكَ}: أي: خاصَموك، ولم يقل في ماذا؟ وتبيَّن بالجواب أنَّه كان في الدِّين، وهو كما مرَّ في قوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ} في آيات، وكذا: {يَسْتَفْتُونَكَ}.

وقوله تعالى: {فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ}: أي: أخلصتُ قصدي وتوجُّهي للَّه لا أتوَّجه إلَّا إليه.

وقيل: {وَجْهِيَ}؛ أي: ديني، وقيل: عملي، وقيل: أي: أسلمتُ نفسي، وكشَفْنا عن حقيقته في قوله تعالى: {بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ} [البقرة: ١١٢].

وقوله تعالى: {وَمَنِ اتَّبَعَنِ}: عطفٌ على التاء من {أَسْلَمْتُ}؛ أي: أسلمتُ أنا وجهي ومَن اتبعني فعل كذلك، وفيه وجهان: أسلمت أنا ومَن اتبعني، و: أسلمتُ ومَن اتبعني، والأكثر مع ذكرِ: (أنا)، قال اللَّهُ تعالى: {أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} [يوسف: ١٠٨] فجُمع في القرآن بين الوجهين.

وقيل: إنَّما حذف (أنا) هاهنا؛ لطول الفصل في الكلام، فصار عِوضًا عن ذِكْر الضمير.

يقول: فإنْ خاصموك في إثبات شِركهم، فقل لهم: إنَّ مَن أسلمتُ وجهي له هو (١) اللَّه، وهذا في الجملة حقٌّ عندي وعندكم، وهو (٢) يُوجِب الانقيادَ لجميع ما أَمَر اللَّهُ به، وقد أقام لي الدلائلَ في نفسي على أنِّي عبدُه ورسولُه، وأوحى إليَّ القرآنَ وأقام لي الدلائلَ ولمَن اتبعني بذلك، فإنْ أَسلمتُم اهتديتم، وإنْ أَعرضتم عن ذلك فقد بلَّغناكم حججَ اللَّه تعالى، وليس وراءَه إلَّا العذاب.

وقوله تعالى: {وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ}: قال الكلبيُّ رحمه اللَّه: يهودِ المدينة


(١) في (ر) و (ف): "فهو"
(٢) "هو" لم يرد في (ف).