للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وكذا قوله تعالى: {وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا}: ولم يقل: إنباتًا، وقد شرحناهُ على الوجه في قوله تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} [البقرة: ٢٤٥] والقَبول مصدرٌ جاء على فَعول -بالفتح- وهو نادرٌ، وقال أبو عمرو بنُ العلاء: هو فردٌ لا نظيرَ له (١).

وقيل: خمسةُ مصادرَ كذلك (٢): القَبولُ والوَلوعُ والوَزوعُ -أي: المنع- والمَضوُّ في الأمر بمعنى (٣) المُضيِّ، يقال: مَضَى في الأمرِ يَمضي مَضُوًّا، ورقَأ الدَّمُ رَقوءا، والصحيحُ أنَّ مصدر رقأ الدَّمُ هو الرُّقُوء بالضَّمِّ، فأمَّا الحديث: "أَكرموا الإبلَ؛ فإنَّ فيها رَقوءَ الدَّمِ" (٤) فالروايةُ الصحيحةُ بفتح الراء، لكنَّه ليس بمصدرٍ، بل الرَّقوء هو في الأصل الدواء الذي يُرقا به الدَّمُ، والمصدرُ بالضَّمِّ.

وأراد في الحديث: أنَّ الإبلَ كأنَّها سببٌ لرُقوء (٥) الدَّمِ؛ أي: تُودَى بها الدِّيَةُ؛ فيُتركُ بها القصاصُ.


(١) انظر: "تفسير الطبري" (٥/ ٣٤٤).
(٢) وفيها اختلاف، فزاد بعضهم على ما ذكره المصنف: اللغوب، وزاد غيره: الوَقود، والطَّهور، والهَوِي بفتح الهاء بمعنى السقوط، والرسول بمعنى الرسالة. انظر: "الشوارد" للصغاني (ص: ٣١)، و"حاشية الشهاب على البيضاوي" (٧/ ٢٦١). وهي في رأي بعض أئمة النحو صفاتٌ لمصادر محذوفة؛ أي: توضأت وُضوءًا وَضوءًا؛ أي: وُضوءًا حسنًا، وما مسنا من لُغوب لَغوب، وصف اللُّغوب بأنه لَغوب، بمعنى: قد لَغَبَ؛ أي: أعيا وتعب، وهذا ضرب من المبالغة على طريقة قولهم: هذا شِعْرٌ شَاعِرٌ، وموتٌ مائِتٌ. انظر: "المحتسب" (٢/ ٢٠١ و ٢٨٥).
(٣) في (أ): "في معنى".
(٤) ذكره مرفوعًا الماوردي في "الحاوي" (١٢/ ٢٢٨)، وروى ابن أبي الدنيا في "إصلاح المال" (٧٧) عن أبي عبد اللَّه ابن الأعرابي أنه قال: قال أكثم بن صيفي: أكرموا الإبل؛ فإنها مهر الكريمة، ورقوء الدم، وسُفن البر.
(٥) في (أ): "كلها"، وفي (ف): "كانت"، بدل: "كأنها".