للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(٣٨) - {هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ}.

وقوله تعالى: {هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ}: (هنالك) و (هناك) بمعنى (ثَمَّ)، وهو (١) إشارةٌ إلى المكان، وقد يستعمل في الزمان، ومحلُّه نصبٌ بالظرف، ومعناه حينئذٍ؛ أي (٢): لمَّا رأى عندها فاكهةَ الشتاء في الصيف، وفاكهةَ الصيف في الشتاء، على خلافِ مجرى العادة، طمع في الولد على كِبَرِ سِنِّه وعُقر امرأته، وإن كان على خلاف مجرى العادة.

وقوله تعالى: {قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً}: أي: تفضَّل عليَّ بإعطاء ولدٍ طاهرٍ مِن عندك، إذ لا أحدَ غيرُك يَقدر على ذلك، وهو كقوله تعالى: {فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا} [مريم: ٥].

والذُّرِّيَّة: الولد، يقع على الذَّكر والأنثى، والواحد والجماعة، وتأنيثُ الطَّيِّبة؛ للَفظ الذُّرِّيَّة، والطَّيِّب: هو الذي يُستطاب أفعاله وأخلاقه، فلا يكون فيه أمرٌ يُستخبث ويُعاب.

وقوله تعالى: {إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ}: أي: مجيبُ الدُّعاء، كما في قولهم: سمعَ اللَّهُ لمَن حَمده، وقولِهم: سمعًا وطاعةً، وهذا لأنَّ مَن لم يُجِب فكأنَّه لم يسمع، قال اللَّهُ تعالى: {إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ} [الأنعام: ٣٦] وصَفَ الكفَّار بأنَّهم غيرُ سامعين إذا (٣) كانوا غير مستجيبين (٤).


(١) في (ر) و (ف): "وهي".
(٢) "أي" من (أ).
(٣) "إذا" من (أ).
(٤) في (أ): "مجيبين".