للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقيل: هو على حقيقته؛ أي: إنَّك تَسمعُ الدُّعاءَ ولا يَخفى عليك ما أقولُه وما أُريده (١).

فإنْ قالوا: أليس أنَّ زكريا كان عالمًا أنَّ في قدرة اللَّهِ تعالى ذلك قبل رؤية حالِ مريمَ، فهلَّا سأل ذلك قبل ذلك؟

قلنا: قد يزداد الإنسانُ رغبةً في الشيء إذا عايَنَه وإنْ كان عالمًا به قبله، أو كان عنده أنَّه (٢) وإنْ كان في مقدور اللَّهِ تعالى ذلك لكنَّه لا يفعله، فلمَّا رأى ذلك في حقِّ مريم عليها السلام صحَّ عنده أنَّه جائزٌ في الحكمة فسأله.

ويحتمِل أنَّه كان أَذنَ له في الدُّعاء (٣)، وجعل ميقاتَ الدُّعاء إذا رأى نظيرَه، وهذا نظيرُه.

* * *

(٣٩) - {فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ}.

وقوله تعالى: {فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ}: قرأ حمزة والكسائي: {فناديه} بالياء (٤)، وعن ابن مسعودٍ رضي اللَّه عنه أنَّه قال (٥): ذكِّروا الملائكةَ فإنَّهم ذكورٌ (٦)، يريد به:


(١) في (أ) و (ف): "أقوله وأريده".
(٢) بعدها في (ف): "يكون".
(٣) في (أ): "الطاعة".
(٤) يعني: بالإمالة والتذكير، وباقي السبعة: {فَنَادَتْهُ} بالتأنيث. انظر: "السبعة" (ص: ٢٠٥)، و"التيسير" (ص: ٨٧).
(٥) "أنه قال" لم يرد في (ف).
(٦) رواه ابن المنذر وابن مردويه كما في "الدر المنثور" (٢/ ١٨٧).