للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا إضمارٌ (١) ثابت بالبديهة، فإنَّ الاستعاذة للتحرُّز عن وسوسةِ الشيطان عند قراءةِ القرآن، وذلك بالتقديم لا بالتأخير، وهذا شائعٌ (٢) في اللغة، قال الشاعر:

إذا طحَنْتِ فابْدَئِي بالمَيْمَنةْ (٣)

وذلك مقدَّمٌ لا مؤخَّر.

وقال بعض أهل الإلحاد: إنكم رَوَيتُم عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "إنَّ الشيطان ليَهربُ من البيت الذي يُقرأ فيه القرآن" (٤) فأيُّ حاجةٍ إلى الاستعاذة منه (٥)؟

قلنا: عنه أجوبةٌ:

أحدها: أنَّا تُعُبِّدْنا به فلا عُدولَ عنه بمثلِ هذا.

والثاني: أن هذا الوعدَ في حقِّ مَن قرأه وعَمِلَ به، فقد قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا لم يَنْهَكَ القرآنُ فلستَ بقارئ" (٦)، وفي العمل به خللٌ، فلم يَثِقْ بنيله (٧)، فلا يُستغنى عن سؤاله.


(١) في (ر): "إخبار".
(٢) في (ر): "وهذا سائغ"، وفي (ف): "وهو سائغ".
(٣) لم أقف عليه.
(٤) رواه مسلم (٧٨٠) من حديث أبي هريرة رضي اللَّه عنه بلفظ: "إنَّ الشيطانَ يَنْفِرُ من البيتِ الذي تُقرأُ فيه سورةُ البقرةِ".
(٥) "منه" من (أ).
(٦) رواه الطبراني في "مسند الشاميين" (١٣٤٥) من حديث عبد اللَّه بن عمرو رضي اللَّه عنهما وسنده ضعيف كما قال العراقي في "تخريج أحاديث الإحياء" (١/ ٢٢٣). ورواه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص: ١٣٣) من طريق نافع أبي سهيل عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو مرسل، ونافع هذا هو ابن مالك بن أبي عامر الأصبحي. ورواه أبو عبيد أيضًا في "فضائل القرآن" (ص: ١٣٤) عن الحسن بن علي قوله.
(٧) في (أ): "فلا يبق"، وفي (ر): "فلا تثق بنيله".