للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والثالث: أن الشيطان يجتهد (١) في أن يَصرفه عن هذه العزيمة، فيدفعُه (٢) بالاستعاذة، وأسعى ما يكون الشيطانُ في إفسادِ حالِ الإنسان عند قَصْدِه مكالمةَ الرحمن، فيَجتهِد (٣) في دفعِ شرِّه بالاستعاذة الآن.

والرابع: أن الغرض به ما قال جعفرٌ الصادقُ رضي اللَّه عنه: التعوُّذ تطهيرُ الفم عن الكذبِ والغيبة والبهتان؛ تعظيمًا لقراءة القرآن، إذ (٤) هو الاستئذانُ لمكالمة اللَّه تعالى بالقرآن.

وقالوا أيضًا: إذا عُذْتُم باللَّه من الشيطان الرجيم عند قراءةِ القرآن، فلِمَ وقوعُ الخطأ والنسيان (٥)، والابتلاءِ بالعصيان؟

وقلنا: حفظُ اللَّهِ عند العياذِ باللَّهِ موعودٌ على التقوى والتذكُّرِ والإبصار، قال اللَّه تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} [الأعراف: ٢٠١]، فمَن أخَلَّ بهذه الشروط لم يَنَلْ هذا (٦) الموعود.

ومثالُ مَن استعاذ باللَّه من الشيطان، ثم اتَّبعه إذا دعاه إلى العصيان: مثالُ التاجر يَخرج إلى السفر بمالٍ خطيرٍ كثيرٍ، ويلتجئُ في حفظه بخفيرٍ حقير (٧)، ثم يَستجيشُ (٨) دهاةَ السُّرَّاق من أقاصي الآفاق.


(١) في (ر): "يجهد".
(٢) في (ر): "فندفعه".
(٣) في (ر): "فنجتهد".
(٤) في (أ): "و".
(٥) في (ف): "بالنسيان".
(٦) في (ر): "لم ينل ما هو".
(٧) في (أ): "بحقير"، بدل: "بخفير حقير".
(٨) في (ر): "يتجيش".