للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منه (١)، فلَزِمتَا الكلمةَ لزومَ تلك الهمزة، ولهذا لم تسقطَا عند النداء: يا أللَّه (٢)، كما سقطتَا من (٣) غيرِه من الأسماء: يا رحمنُ يا رحيمُ، ونحوِه.

وعن كعبِ الأحبار قال: كان داودُ عليه السلام أَلِهًا أَلُوهًا. أي: مُوْلَعًا (٤) بمقالهِ في كلِّ أحواله: إلهي إلهي.

وقال جعفرٌ الصادقُ في هذا الاسم: أَبرزَه اللَّهُ تعالى من غَيبه إلى قولهِ، ومِن قولهِ إلى قلمه، ومِن قلمه إلى لَوحه، ومن لَوحه إلى وحيه، ومن وحيه إلى أنبيائه، سكينةً ووقارًا لقلوب أوليائه.

وقولُنا: (من الشيطان) كلمةُ (مِن) في اللُّغة لأشياء، وهاهنا تكونُ لأحدِ معانٍ ثلاثةٍ:

إمَّا للابتداء: كما في قوله تعالى: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} [البقرة: ١٩٩].

وإمَّا للانتقال: كما في قوله تعالى: {وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا} [المائدة: ٣٧].

وإمَّا للتعديَة: فإن وقوعَ هذا الفعل على الاسم المذكور بعده مختصٌّ بهذه الكلمة لغةً.

وتحقيقُ المعنى الأولِ والثاني: أن العَوْذ يبدأ (٥) بالانفصال من الشيطان ويَتمُّ بالاتصال باللَّه، وهو انتقالٌ من غيرِ اللَّه إلى اللَّه.


(١) أي: بدلًا من الهمزة المحذوفة في (إله)، انظر: "تفسير الثعلبي" (١/ ٩٦)، وقد ذكره عقب قوله: "يسمعها لاهه الكبار".
(٢) في (أ): "عند النداء به".
(٣) في (ف): "عند".
(٤) في (ر): "مولهًا".
(٥) في (ف): "يبتدأ".