للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وخصوصُ الرَّحمنِ في التسمية أَنَّه لا يَتسمَّى به أحدٌ غيرُه، وعمومُه في الفعل أَنَّه يَرحمُ البَرَّ والفاجرَ، وعمومُ الرحيم في التسمية أَنَّه يجوز أن يَتسمَّى به غيرُه، قال اللَّه تعالى في حقِّ نبيِّه عليه الصلاة والسلام: {بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: ١٢٨]، وقال في حقِّ أصحابه (١): {رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح: ٢٩] وخصوصُه في الفعل أَنَّه يَرحمُ المؤمنَ دون الكافرِ.

وقال أبو عبيدة: الرحمنُ ذو الرحمة، كالعَطْشان هو ذو (٢) العَطَش، والرَّيَّان هو ذو الرّيِّ، والرَّحيمُ هو الراحم، كالقَديرِ هو القادر، والعَليمِ هو العالِم، فالأوَّل إثباتُ صفةٍ، والثاني إثباتُ فعلٍ (٣).

وقيل: الرحمنُ على وزن فَعْلان (٤)، وهو مبالغةٌ في الصفة، فإنَّ الغضبانَ هو الممتلئُ غضبًا، والسكرانُ هو الممتلئُ سُكْرًا، والرَّحيمُ هو الدائمُ الرحمة، والرَّاحمُ هو الذي وُجدت منه الرحمةُ.

وقيل: الرَّحمنُ: مَن له الرحمةُ، كالغَضبان: مَن له الغضبُ، والرَّحيمُ: مَن يَرحمُ، كالسَّميع: مَن يَسمع.

ثم معنى الجمعِ بين الاسمينِ مع أنَّهما مِن صفةٍ واحدةٍ وجوهٌ أربعةٌ:


(١) في (ف): "الصحابة".
(٢) في (أ): "هو ذا" وفي (ر): "ذو" دون "هو".
(٣) انظر: "مجاز القرآن" (١/ ٢١)، ولفظه: "الرّحمن" مجازه ذو الرحمة، و"الرّحيم" مجازه الراحم، وقد يقدِّرون اللفظين من لفظ واحد والمعنى واحد، وذلك لاتّساع الكلام عندهم، وقد فعلوا مثل ذلك فقالوا: ندمان ونديم.
(٤) في (أ): "الفعلان".