للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولكن يقال: مررتُ (١) به وبزيد، وقد جاء في ضرورة الشعر كما قال الشاعر:

فاليومَ قرَّبْتَ تهجونا وتَشْتِمُنا... فاذْهَبْ فما بكَ والأيامِ من عَجَب (٢)

وقرأ الباقون بالنصب عطفًا على قوله: {اللَّهَ}؛ أي: واتقوا الأرحامَ أن تقطعوها وتهمِلوا حقَّها، وجمع بين الحقَّين تعظيمًا لحقِّ الرَّحِم، وهو كجمعه بين حقِّه وحقِّ الأبوين بقوله: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ}.

وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}: أي: حفيظًا، وفعيل بمعنى الفاعل، وقد رَقَب يَرْقُب من حدِّ دخَل، رَقْبًا ورُقوبًا ورِقبةً، يقول: هو حافظٌ لأعمالكم وأقوالكم وأحوالكم يسألكم (٣) عمَّا أمركم به من طاعته وصلة الرحم.

* * *


= الكثير من الشواهد الي تثبت جواز العطف على الضمير المجرور دون إعادة، ولخص المسألة ابن كمال باشا فقال: وما ذهب إليه البصريون من امتناع العطف على الضمير المجرور إلا بإعادة الجارِّ، والضعفِ في إضماره، يردُّه هذه القراءةُ الثابتة بالتواتر، فإنها مما يُحتج به لا مما يُحتج عليه، إلا عند مَن لا اعتماد له على القراءات الثابتة، ولا اعتداد لزعمه الفاسد.
قلت: وهو يعرِّض بالزمخشري الذي ردها، والبيضاوي الذي تابعه في ذلك. انظر كلامهم في تفاسيرهم عند تفسير الآية الأولى من سورة النساء. أما ابن مالك فقال في ألفيته:
وعَوْدُ خافضٍ لَدَى عطفٍ على... ضميرِ خفضٍ لازمًا قد جُعِلا
وليس عندي لازمًا إذ قد أتى... في النظم والنثر الصحيح مُثْبَتا
ويعني بالنثر الصحيح قراءة حمزة. انظر: "شرح الأشموني لألفية ابن مالك" (٢/ ٣٩٤ - ٣٩٦).
(١) "مررت" ليست في (أ).
(٢) انظر: "الكتاب" (٢/ ٣٨٣)، و"الكامل" للمبرد (٣/ ٣٠)، و"معاني القرآن" للزجاج (٢/ ٧). وهو من أبيات سيبويه الخمسين التي لم يعرف لها قائل.
(٣) في (ف): "ويسألكم".