للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وتكرار {وَاتَّقُوا اللَّهَ} للتقرير والتأكيد، وذكرُ هذه الصفة بعده (١) تنبيه أنه اللَّه تعالى الذي لا تنكرون أنه خالقُكم والمستحِقُّ للعبادة عليكم.

وقوله تعالى: {وَالْأَرْحَامَ} قرأ حمزة: {والأرحامِ} (٢) خفضًا، وله ثلاثة أوجه: أحدها: القسَم، فكأنه (٣) أمرهم بالتقوى وحلَّفهم عليها (٤) بالأرحام.

والثاني: بإضمار الخافض، كأنه قال: به وبالأرحام؛ أي: تقولون (٥): أسألك باللَّه وبالرَّحِم أن تفعل كذا.

والثالث: أنه مخفوض عطفًا على الهاء في قوله: {بِهِ}، وهذا ضعيف لأنه لا يعطف على الضمير المخفوض إلا بإعادة الخافض (٦)، لا يقال: مررتُ به وزيدٍ،


(١) "بعده" ليس من (أ).
(٢) انظر: "السبعة" (ص: ٢٢٦)، و"التيسير" (ص: ٩٣).
(٣) في (ف): "كأنه".
(٤) في (أ): "عليه".
(٥) في (أ): "أي أتقولون".
(٦) كذا جزم المؤلف باقتضاء إعادة الخافض في العطف على الضمير المجرور، وهذه مسألة تكلم فيها العلماء في قراءة حمزة هذه، وهي قراءة متواترة قد أجمعت عليها الأمة، إلا أن جمهور نحويي البصرة قد تكلموا فيها للعلة التي ذكرها المؤلف، وأولهم -كما قال الآلوسي- المبرد حيث ذكر في "الكامل" (٣/ ٣٠) أن من يقول بالعطف على المجرور دون إعادة الجار مخطئ في قول البصريين، قال: (لأنهم لا يعطفون الظاهر على المضمر المخفوض، ومَن أجازه من غيرهم فعلى قبح، كالضرورة، والقرآن إنما يحمل على أشرف المذاهب، وقرأ حمزة: (وَالْأَرْحَامِ)، وهذا مما لا يجوز عدنا إلا أن يضطر إليه شاعر). وتبعه في هذا الزمخشري وابن عطية. وقد انبرى للرد عليهم جمع من العلماء من أئمة النحو كابن مالك في ألفيته كما سيرد، وأبي حيان رحمه اللَّه الذي كان من أشد المدافعين عن تلك القراءة، والمشنعين على الزمخشري وابن عطية في كلامهما عليها، وساق =