للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فجمع بين تذكيرِ المعنى وتأنيثِ اللفظ.

وإنما قال: {مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} مع أنَّا خُلقنا من ذكرٍ وأنثى؛ لأن حواء من آدم، فمَرجِعُ الجميع إلى آدم، والمعنى: خلَقكم من نفسٍ كانت واحدة وهو آدم، ثم خلق منها زوجها، ثم خلقكم منها جميعًا.

وقوله تعالى: {وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا}؛ أي: امرأتَه حواءَ، وقد بيَّنَّا كيفية ذلك في سورة البقرة.

ومعنى الإنعام في الخَلق من نفسٍ واحدة: أنه أقرب إلى أن يتعاطفوا، ويأنَس بعضهم ببعض، ويحامي بعضهم على بعض بما (١) بينهم من القرابة والأخوة بالرجوع إلى نفس واحدة.

وقوله تعالى: {وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً}: أي: نشر من جهة التناسُل والتوالُد من النفسين (٢) أولادًا كثيرًا ذكورًا وإناثًا.

وقوله تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ} قرأ عاصم وحمزةُ والكسائيُّ: {تَسَاءَلُونَ} بالتخفيف بحذف إحدى التاءين، وقرأ الباقون بالتشديد بإدغام إحدى التاءين في السين (٣).

ومعناه ما قال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: واتقوا اللَّه الذي تَسأل الناس به بعضُهم بعضًا الحوائجَ والحقوق، يقول الرجل: أسألك باللَّه وأَنشُدك باللَّه.


= و"العمدة" لابن رشيق (٢/ ٢٨٠).
(١) في (ر) و (ف): "فيما".
(٢) في (ر): "النسل"، وفي (ف): "النفس".
(٣) انظر: "السبعة" (ص: ٢٢٦)، و"التيسير" (ص: ٩٣).