للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [لقمان: ٢٥]، وما كانوا يَعرفون الرَّحمن، قال اللَّه تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ} [الفرقان: ٦٠].

واليهودَ: كانوا يَعرفون اسمَ الرَّحمن، قال عبد اللَّه بنُ سلَام لمَّا أَسلَمَ: يا رسولَ اللَّه، لا أَرى في كتابكم ذِكْرَ الرَّحمن، فنَزَل قولُه تعالى: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ} [الإسراء: ١١٠] (١).

والنصارى: كانوا يَعرفون اسمَ الرَّحيم.

فوقعت البدايةُ في خطابِ القومِ بذِكْر هذه الأسماءِ الثلاثة، لمعرفة المخاطَبين بها.

ولأنَّ كلَّ عبدٍ له ثلاثةُ أشياءَ: قلبٌ، ونفسٌ، وروحٌ، فعلى القلبِ بهذه التسمية سِمَةُ المعرفةِ والإيمان، وعلى النَّفْسِ سِمَةُ الرزقِ والإحسان، وعلى الروح سِمَةُ العفوِ والغفران.

ولأنَّ (اللَّهَ) اسمٌ ممتنعُ اللفظِ والمعنى، والرَّحمن ممتنعُ اللفظِ مُطلَقُ المعنى، والرَّحيم مُطلَق اللفظ والمعنى، فكان البدايةُ باسمِ اللَّه أَولى ثم بالرَّحمن ثم بالرَّحيم.

ولأنَّ أحوالَ العبدِ ثلاثة: سابقتُه وحالتُه وخاتمتُه، فرُتَبُ هذه الأسماءِ الثلاثةِ يُعلِمك أنَّه (٢) اللَّهُ الذي أَصلح سابقتَك، والرَّحمنُ الذي هيَّأ حالتَك، والرَّحيمُ الذي يُحْسِن عاقبتَك، اللَّهُ الذي خَلَقك، والرَّحمن الذي رَزَقك، والرَّحيمُ الذي يَغفرُ لك.

وقالوا: للَّهِ تعالى ثلاثةُ آلافِ اسمٍ؛ ألفٌ عرَفها الملائكةُ لا غير، وألفٌ عرفها


(١) انظر: "تفسير أبي الليث" (٢/ ٣٣٣) عن الكلبي بنحوه.
(٢) في (ف): "أن".