للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ} (١) أخبرَ أنَّهم ممتنعون عنه اختيارًا (٢)، لا ممنوعون عنه إجبارًا، فدلَّ على مذهب أهلِ السُّنَّة والجماعة (٣)، وهذا قطْعٌ للعُذر؛ لأنَّ تركَهم الإيمانَ وإنفاقَهم للرِّياء، كان لإبقاء الرياسة، فأخبرَ أنَّ إيمانَهم وإنفاقَهم (٤) لا يزيلُ ذلك، بل يزيدُها، كما كان لعبد اللَّه بن سلام وأصحابه، وغيرُهم ماتوا وانقطعَ ذِكْرُهم أصلًا.

وقوله تعالى: {وَكَانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيمًا} قال الإمامُ أبو منصور رحمَه اللَّه؛ أي: أنشأَهُم على علمِه بأنَّهم لا يؤمنون؛ ليعلمَ الخلائقُ أنَّ مخالفتَهم إيَّاه لا تَضرُّهُ (٥).

وقيل: قال ذلك تحذيرًا لهم.

وقيل: أي: كان بهم عليمًا أنَّهم لا يؤمنون، عنادًا ومكابرةً، لا لقصور الدليل.

* * *

(٤٠) - {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا}.

وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} أي: مقدارَ ذرَّةٍ في الثِّقل، والذَّرَّةُ عند ابنِ عبَّاس رضي اللَّه عنهما: النَّملةُ الصَّغيرةُ الحمراء (٦) التي لا تَكادُ تُرى مِن صغَرِها،


(١) قوله: "وقوله تعالى: {وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ} " ليس في (أ).
(٢) لفظ: "اختيارًا" ليس في (أ).
(٣) لفظ: "والجماعة" ليس في (أ).
(٤) في (ف): "نفاقهم"، ووقع بعدها في (ر) و (ف): "للَّه".
(٥) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٣/ ١٨٤).
(٦) روى الطبري في "تفسيره" (٧/ ٢٩) عن ابن عباس أنه قال في تفسيرها: رأس نملة حمراء.