للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

له أنْ يَخلُقَ كيف شاء صحيحًا وسقيمًا، ثمَّ مَن ظلمَ آخر (١) في الشَّاهدِ، فإنَّما يَظلِمُ لإحدى خَلَّتين؛ إمَّا لجهل بالعدل والحقِّ، وإما لحاجةٍ تَمسُّه يدفع ذلك به عن نفسِه، واللَّه تعالى غنيٌّ بذاتِه، عالمٌ لم يزل، يتعالى عن أن تمسَّهُ حاجةٌ، أو يَخفي عليه شيءٌ، مع ما أنَّ الظُّلمَ في الشَّاهد هو تناولُ ما ليس له بغير إذنِ مَن هو له (٢)، وكلُّ الخلائقِ مِن كلِّ الوجوه له، فلا معنى للظُّلم.

وقوله تعالى: {وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا} وهذا يُبطِلُ قولَ المعتزلةِ: إنَّ مَن ارتكبَ كبيرةً يَخلُدُ في النَّار ومعه حسنات كثيرةٌ، واللَّهُ تعالى يقول: {وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا} (٣) الآية (٤).

* * *

(٤١) - {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا}.

وقوله تعالى: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ}؛ أي: فكيف حالُهم؟ وهذا استفهامٌ بمعنى التوبيخ؛ لأنَّه يقتضي إقرارَ العبد على نفسه بما كان من قبيحِ عملِه.

وقوله جلَّ جلاله: {بِشَهِيدٍ}؛ أي: شاهدٍ عليهم، وهو نبيُّهم.

وقوله تعالى: {وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا}؛ أي: أحضرناكَ، وقوله (٥):


(١) في (ر) و (ف): "أحدًا"، والمثبت موافق لما في "تأويلات أهل السنة".
(٢) بعدها في (ر): "ذلك".
(٣) قوله: "الآية" وقع مكانه في (أ): "ويؤت من لدنه أجرًا عظيمًا"، ووقع بعدها في (ر): "هذا يبطل قول المعتزلة".
(٤) انظر: "تأويلات أهل السنة" (٣/ ١٨٤ - ١٨٥).
(٥) "وقوله" ليس في (أ).