للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{عَلَى هَؤُلَاءِ}؛ أي: هذه الأمَّة (١) {شَهِيدًا}؛ أي: شاهدًا على مَن آمنَ بالإيمان، وعلى من كفرَ بالكُفْر، وعلى مَن نافقَ بالنِّفاقِ؛ أي: بماذا (٢) يعتذرون، وبأيِّ شيءٍ يَحتجُّون، وإلى شفاعةِ مَن يَلتجئون، إذا أُمِرَ بهم إلى النَّار؟

وقال الإمام القشيريُّ رحمه اللَّه: إذا كان الرَّسولُ هو الشهيدُ على أمَّتِه، وهو الشَّفيعُ لهم، فإنَّما يَشهدُ بما يُبقِي للشَّفاعة موضعًا (٣).

ورويَ أنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أمرَ ابنَ مسعودٍ رضيَ اللَّه عنه بقراءة (٤) هذه السورة، فلمَّا انتهى إلى هذه الآية، فاضَتْ عينا رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وسكتَ ابنُ مسعودٍ رضي اللَّه عنه، ثمَّ أمرَهُ حتَّى أعادَ القراءةَ مِن أوَّلِ السُّورةِ إلى هاهنا، ففاضت عيناه، حتَّى فعل ذلك ثلاثًا (٥).

ورويَ أنَّه ما قرأ رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- هذه الآيةَ قطُّ إلَّا بَكى.

وعن جابرِ بن عبد اللَّه قال: بينا نحن جلوسٌ في مسجد رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وحذيفةُ يَقُصُّ عليهم ويقرأ، فدخلَ رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فسكتَ حذيفةُ فقال له رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "عُد يا حذيفة"، قال (٦): وأنت حاضرٌ؟ قال: "وأنا حاضرٌ، والذي نفسي بيدهِ، ما خرجتُ


(١) بعدها في (ر): "وقوله".
(٢) في (ف): "بما كانوا".
(٣) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (١/ ٣٣٤).
(٤) في (ر) و (ف): "يقرأ".
(٥) لم أقف عليه بهذا السياق، وأخرج البخاري في "صحيحه" (٥٠٥٠)، ومسلم (٨٠٠) عن ابن مسعود قال: قال لي النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اقرأ عليَّ"، قلت: يا رسول اللَّه، أقرأ عليك، وعليك أنزل؟ قال: "نعم"، فقرأت سورة النساء، حتى أتيت إلى هذه الآية: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا}، قال: "حسبك الآن"، فالتفتُّ إليه، فإذا عيناه تذرفان.
(٦) في (أ): "قال قال" وفي (ر): "فقال".