للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إليكم حتَّى رأيتُ أبوابَ السَّماء فُتِحَت، ورأيتُ الرَّحمةَ تَنزِلُ عليكم، والذي نفسُ محمَّدٍ بيدِه، ما خرجَ رجلٌ مِن بيتهِ يؤمُّ بقعةً يُذكَر اللَّهُ تعالى فيها إلَّا بوَّأهُ اللَّه بها بقعةً في الجنَّة، اقرأ يا حُذيفة سورة النِّساء"، فقرأها (١) حتَّى إذا بلغَ: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ} الآية، ففاضَت عينا رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حتَّى أخضلَ دمعُه لحيتَه، ثمَّ قال: "عُد"، فعاد، حتى قرأ سبعَ مرَّات (٢).

* * *

(٤٢) - {يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا}.

وقوله تعالى: {يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا} نُصبَ على الظرف، وأضيف إلى "إذ"، وهي أداةٌ للظَّرف، واتِّصالُها بما قبلَها: إذا جئنا من كلِّ أمَّةٍ بشهيدٍ يومئذٍ. و {يَوَدُّ}؛ أي: يتمنَّى.

وقوله تعالى: {وَعَصَوُا الرَّسُولَ} أي: خالفوا أمرَ المصطفى ونهيَه، وضُمَّتِ الواو من "عصوا" عند التقاء السَّاكنين؛ لأنَّه واوُ جمعٍ، وهي أختُ الضمَّة، فسُكِّنَت للاعتلال، فإذا احتيجَ إلى تحريكها، حُركت إلى أصلها، بخلاف قوله تعالى: {لَوِ اسْتَطَعْنَا} [التوبة: ٤٢]، حيثُ كُسِرت لالتقاء الساكنين؛ لأنَّه سكونُ بناءٍ، واضطُرُّوا إلى تحريكِها، والساكنُ الأصليُّ يُحَرَّك إلى الكسرِ عند الضَّرورة (٣).

وقوله تعالى: {لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ} قرأ نافعٌ وابن عامر بفتح التاء وتشديد السين، وأصلُه: تتسوَّى، أُدْغِمَت إحدى التَّاءين -وهي الأخيرة- في السِّين.


(١) في (ف): "فقرأ"، وليست في (ر).
(٢) لم أقف عليه.
(٣) من قوله: "أي خالفوا أمر المصطفى" إلى هنا ليس في (أ).