للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {فَتَيَمَّمُوا} الأَمُّ واليَّمُ والتَّيمُّم والتأمُّمُ: القصد.

وقوله تعالى: {صَعِيدًا طَيِّبًا} الصَّعيدُ: وجهُ الأرض؛ لأنَّه تصاعدَ عنها، أو لأنَّه يصعدُ عليها، والطَّيِّبُ: الطَّاهرُ.

ويجوز التَّيمُّم بكلِّ ما كان مِن أجزاء الأرض عندَ أبي حنيفة رضي اللَّه عنه، لزقَ بالكفِّ أو لم يَلزق، وعند محمد كذلك، لكن إذا لزقَ بالكفِّ، وعند أبي يوسف رحمه اللَّه الصعيد: هو التُّرابُ والرَّمل (١).

وعند الشافعيِّ رحمه اللَّه هو الترابُ لا غير (٢)، والطَّيِّبُ المنبت عنده كما في قوله تعالى: {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ} [الأعراف: ٥٨].

والصَّحيحُ ما قال أبو حنيفة رحمه اللَّه، وعليه أهلُ التَّفسير وأهلُ اللُّغة رحمهم اللَّه، ويؤيِّدُه النُّصوص، قال اللَّه تعالى: {فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا} [الكهف: ٤٠]، وقال تعالى: {صَعِيدًا جُرُزًا} [الكهف: ٨]، وقال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يُحشَرُ النَّاسُ في صعيدٍ واحد" (٣).

وقوله تعالى: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ} قيل: أي: فامسَحوا الصَّعيدَ بها.

وقيل: الباءُ زائدةٌ، كقوله: {تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ} [المؤمنون: ٢٠]، وتقديره: فامسحوا وجوهَكم وأيديكم.

وهذا تفسيرٌ للتيمُّم وبيانٌ له، وهو مشروعٌ في الجنابةِ والحدثِ جميعًا على قدرٍ واحدٍ.


(١) انظر: "المبسوط" للسرخسي (١/ ١٠٨ - ١٠٩).
(٢) في (ر) و (ف): "الأغبر".
(٣) أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (٢٩٧٤) من حديث أسماء بنت يزيد. وإسناده ضعيف.