للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال الإمام القشيريُّ رحمه اللَّه: {أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ} مكروا مكرًا (١)، فغفلوا وما شعروا، أُعطوا الكتابَ، ثمَّ حُرِموا بركاتِ الفهم، فحرَّفوا، وخالفوا، ولم يَعملوا بالعلم (٢).

وقوله تعالى: {يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ}؛ أي: بالهُدى، هذا مضمَر، ومعناه: يختارون الغيَّ (٣) على الرُّشد، أو يستبدلونه (٤)، وقد مرَّ شرحُه في سورة البقرةِ مرَّات.

وقوله تعالى: {وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ} أي: ويحبون أنْ تَضلُّوا أنتم سبيلَ الحقِّ كضلالِهم.

وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: إنَّما أرادوا ذلك؛ ليكونَ النَّاسُ كلُّهم على دينِهم، فتكونَ لهم الرياسةُ على الكلِّ، وأخذُ المرافقِ مِن (٥) الكل.

وقيل: هو كقوله تعالى: {وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً} [النساء: ٨٩].

وقال الكلبيُّ: هم اليهودُ {يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ}؛ أي (٦): اليهوديَّة. {وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ} كانوا يأتون عبدَ اللَّه بنَ أُبيٍّ (٧) ومالكَ بن الدُّخْشم (٨)، فيثبِّطونَهم عن


(١) في (أ): "مكروا فمكروا"، وفي (ف): "فمكروا" بدل: "مكروا مكرًا".
(٢) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (١/ ٣٣٧).
(٣) في (ر): "الضلال" وفي (ف): "الهدى".
(٤) في (أ): "ويستبدلونه".
(٥) في (أ): "عن".
(٦) في (أ): "يعني".
(٧) بعدها في (ر) و (ف): "أوفى".
(٨) مالك بن الدخشم صحابي أنصاري أوسي، شهد بدرًا وما بعدها، وهو الذي أسر سهيل بن عمرو، وأرسله النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مع معن بن عدي فأحرقا مسجد الضِّرار، اتُهم بالنفاق، وقال ابن عبد البر: لا يصح عنه النفاق، وقد ظهر من حسن إسلامه ما يمنع اتهامه. انظر: "الاستيعاب" =