للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقيل: هي مِن الجِراحة (١)، وهي جوارحُ الصُّيود، ويُشترَطُ لحلِّها الجَرْحُ، فلا تَحِلُّ بالخَنق.

وقوله تعالى: {مُكَلِّبِينَ} نصب على الحال؛ أي: مُضَرِّينَ لها حتَّى تَستكلِبَ (٢) وتَضْرى بالصَّيد، فتعتادَ أخذَه، وقد استكلبَ العدوُّ وتَكلَّب؛ أي: اشتدَّ وضَرِي وكلَّبَهُ غيرُه.

وقوله تعالى: {تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ}؛ أي: الجوارح، وتعليمُها أنْ تَنزجرَ بزجرِك، وتَمضي لإرسالِك، ولا تعدلَ عن سَنَنِ إرسالِك، وتَقتلَ الصَّيدَ جَرْحًا، لا خنْقًا، وتمتنعَ بمنعك، ولا تأكلَ مِن الصَّيدِ.

وقوله تعالى: {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ}؛ أي: ممَّا (٣) لم يأكلن، فإذا أكلْنَ، حرم، وهذا في صيدِ الكلبِ ونحوِه، فأمَّا صيدُ البازي ونحوِه، فأكلُه لا يُحَرِّمُه، ويُعرَفُ هذا في الفقهيات.

وقوله تعالى: {مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} قيل: "من" زائدةٌ، كما في قوله: {كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ} [الأنعام: ١٤١].

وقيل: هو للتبعيض؛ فإنَّ منها ما يُؤكَل، وهو اللُّحومُ والشُّحوم، ومنها ما لا يُؤكَل، كالدَّم والريشِ والعظم.

وقيل: التبعيضُ في أنَّ المجروحَ منها يُؤكل دون المخنوق.

وقوله تعالى: {وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ}؛ أي: عند الإرسال، وهو شرطُ الحِلّ.


(١) في (ر): "الجوارح الجارحة" بدل: "الجراحة".
(٢) في (أ): "تسلب".
(٣) لفظ: "مما" من (ف).