للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وفي "تأويلات الإمام أبي منصور رحمه اللَّه": قال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "العينانِ وِكاءُ السَّه فمن نام فليتوضأ" (١)، قال: وروي عن ابن عباسٍ رضي اللَّه عنهما أنَّ النَّبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان ينامُ ثمَّ يُصلِّي، فلا يتوضَّأ، فسئل عن ذلك فقال: "إنِّي لستُ كأحدِكم، إنَّه لتنامُ عيناي، ولا يَنامُ قلبي، ولو أحدثتُ لعلِمت" (٢).

وقال آخرون: معناهُ: إذا أردتُم القيامَ إليها، كما في قوله تعالى: {قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} [النحل: ٩٨]، وقوله: {إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: ١].

وقوله تعالى: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} الآيةُ ظاهرُها يَقتضي الأمرَ بالوضوء عند كلِّ قيامٍ؛ محدثًا كان أو طاهرًا، وقد كان رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يتوضَّاُ لكلِّ صلاةٍ قبل فتح مكَّة، فلما كان ذلك اليوم صلَّى الصَّلواتِ الخمسَ بوضوءٍ واحد، فقال عمر رضي اللَّه عنه: صنعتَ يا رسول اللَّه ما (٣) لم تكن تصنعهُ، فقال: "عمدًا فعلتُ كي لا تُحرَجَ أمَّتي" (٤)، فثبتَ بذلك أنَّ الأمرَ بالوضوءِ عند الحدث، وهو مضمَرٌ فيه، وتقديره:


(١) رواه أبو داود (٢٠٣)، وابن ماجه (٤٧٧) من حدث علي بن أبي طالب رضي اللَّه عنه، وضعف إسناده الشيخ شعيب الأرناؤوط. ولم يرد هذا الحديث في "تأويلات أهل السنة" للماتريدي.
(٢) كذا أورده الماتريدي رحمه اللَّه في "تأويلات أهل السنة" (٣/ ٤٦٩)، وأورده الجصاص في "أحكام القرآن" له (٣/ ٣٣٣) من رواية أبي يوسف عن محمد بن عبد اللَّه عن عطاء، وأخرج البخاري في "صحيحه" (١١٤٧)، ومسلم في "صحيحه" (٧٣٨) من حديث عائشة رضي اللَّه عنها أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال لها: "يا عائشة، إن عيناي تنامان ولا ينام قلبي".
(٣) في (أ) و (ف): "شيئًا".
(٤) أورده السرخسي في "المبسوط" (١/ ٥) بلفظ: "عمدًا فعلت يا عمر كي لا تحرجوا"، ورواه مسلم في "صحيحه" (٢٧٧) بلفظ: "عمدًا صنعته يا عمر".