للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وبعد دخول المدينة، فأضافَهُ إلى نفسِه؛ تشريفًا للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، كما قال في سورة الفتح: {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ} [الفتح: ١٠]، لهذا، أو لأنَّه (١) كان بأمرِ اللَّه.

وقوله تعالى: {إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا}؛ أي: سمعنا قولَك، وأطعنا أمرَك، وكان أهلُ بيعةِ الرِّضوان ألفًا وستَّ مئةِ رجلٍ مخلص (٢).

وقال ابنُ عباس رضي اللَّه عنهما في روايةٍ: هو ميثاقه على بني إسرائيل (٣)، وقد مرَّ بيانُه في سورة البقرة في آيات.

وقال مجاهدٌ رحمه اللَّه: هو ميثاق ذريَّة آدم (٤)، وكذلك قال الكلبيِّ (٥)، وقال: "اذكروا"؛ أي: احفظوا.

وقوله تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ}؛ أي: في نقض الميثاق، {إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}؛ أي: بسرائر الصُّدورِ، مِن الخيرِ والشَّرِّ، وهذا وعدٌ ووعيد.

وقال الإمام القشيري رحمه اللَّه: الآيةُ إشارةٌ إلى التَّعريف السَّابق، الذي لولاه لما


(١) في (ف): "ولأنه".
(٢) هو قول موسى بن عقبة، نقله عنه الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (٧/ ٤٤١)، وفي "صحيح البخاري" (٤٨٤٠)، و"صحيح مسلم" (١٨٥٦) من حديث جابر أن الذين بايعوا النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يوم الحديبية ألف وأربع مئة. وفي "صحيح البخاري" (٣٥٧٦)، و"صحيح مسلم" (١٨٥٦): (٧٢) عن جابر أيضًا أنهم كانوا خمس عشرة مئة. وذكر الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" الخلاف في ذلك، وجمع بين الروايات بأنهم كانوا أكثر من أربع مئة، فمن قال: ألفًا وخمس مئة جبر الكسر، ومن قال: ألفًا وأربع مئة ألغاه.
(٣) روى الطبري في "تفسيره" (٨/ ٢٢٠) عنه معناه، وذكرت نصه قريبًا فانظره.
(٤) رواه الطبري في "تفسيره" (٨/ ٢٢٠).
(٥) انظر: "التفسير البسيط" للواحدي (٧/ ٢٨٨).