للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عَلِمتَ مَن هو، فأمرَهم بتَذكُّرِ ما سبقَ لهم من القسَم وهو (١) في كتْمِ العدم، ما للأغيارِ عنهم خبر، ولا لهم عينٌ ولا أثر، ولا وقع لأحدٍ عليهم بصر (٢)، وقد سمَّاهم بالإيمان، وحكمَ لهم بالغُفران قبل حصولِ العصيان، ثمَّ لمَّا أظهرَهُم، عرَّفهم التوحيدَ قبل أنْ كلَّفهُم الحدودَ، وعرضَ عليهم بعد ذلك الأمانةَ، وحذَّرهُم الخيانةَ، فقابلوا قولَه بالتَّصديق، ووعدوا مِن أنفسِهم الوفاءَ بشرطِ التَّحقيق، فأمدَّهم بحسن التَّوفيق، وثبَّتَهم (٣) على سواءِ الطَّريق، ثمَّ شكرَهُم حيث أخبرَ عنهم بقوله: {إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا}، ثمَّ قال: {وَاتَّقُوا اللَّهَ} أي: في نقضِ ما أبرمتُم مِن العقود، والرُّجوعِ عمَّا قدَّمتم من العهود؛ إنَّه عليمٌ، لا يخفى عليه شيءٌ مِن خطراتِ قلوبِكم، وفكرات (٤) صدوركم.

* * *

(٨ - ١٠) - {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (٨) وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (٩) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ}.

وقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ} وهذا من العقود (٥) أيضًا، وفسَّرنا ذلك في سورة النساء (٦).


(١) في "لطائف الإشارات": "وهم".
(٢) بعدها في (ر): "وقد سبق". وهي مقحمة.
(٣) في (ف): "ونبههم".
(٤) كذا في (ر) و (ف)، وفي "لطائف الإشارات": "ونيات".
(٥) من قوله: "عما قدمتم من" إلى هنا ليس في (أ).
(٦) عند تفسير الآية (١٣٥).