للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فلقيتهم أمةٌ لبني عامر مسلمةٌ، فقالت: مِن أصحاب محمَّدٍ أنتم؟ قالوا: نعم؛ رجاءَ أن تُسلِم، قالت: النَّجاء النجاء، فإنَّ إخوانَكم (١) قتلوا جميعًا على الماء، تعتورهم النُّسورُ والعقبان، فقال أحد الأربعة: ما ترون؟ قالوا: نَرى أن نرجعَ إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فنخبرَهُ بالأمر، قال: لا، ولكنِّي واللَّه لأتغدينَّ (٢) مِن غداء أصحابي، ارجعوا واقرؤوا على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- سلامي، قالوا له: فأمهِلنا حتَّى نَتغيَّبَ عنك، فلمَّا تغيَّبوا عنه، صعِدَ الجبلَ، فأشرف على أصحابه، فإذا هم مقتولون، وإذا المشركون قعودٌ يَتغدَّونَ، فانحدرَ بسيفِه فجالدَهم حتَّى قُتِلَ.

وقصدَ الثَّلاثةُ (٣) المدينةَ، فلقوا رجلينِ من بني سُليم خارجين من المدينة، فقالوا لهما: من أنتما؟ قالا: مِن بني عامر، قالوا: من الذين قتلوا إخوانَنا (٤)، فقتلوهُما لا يَشكُّون أنَّهما مِن بني عامر، وأخذوا سَلَبَهُما، ثمَّ دخلوا المدينةَ، فوجدوا الخبرَ قد سبق إليه، فقال لهم: "قتلتُم رجلين من بني سُليم، مِن أهل ميثاقي، وهذه كسوتُهما بئس ما صنعتم".

وجاء رهط السُّلمين، فقالوا: يا رسول اللَّه، أقِدنا مِن قتل صاحبينا، فقال لهم: "ليس لكم القوَد؛ لأنَّ صاحبيكم اعتزيا إلى عدوِّنا من بني عامر، ولكنَّا نؤدِّي إليكم ديتَهما".

فانطلقَ رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يسألُ من ميثاقِه، ومعه أبو بكرٍ وعمرُ وعثمان وعليٌّ رضي اللَّه عنهم، فبدأ ببني قريظة (٥)، فأتاهم فقال: "تَعلمون ما أصابنا من دمِ الرَّجلين،


(١) بعدها في (ر): "قد".
(٢) في (ف): "لا أتغدين".
(٣) بعدها في (ر): "إلى".
(٤) في (أ): "أخوالنا".
(٥) في "تفسير مقاتل" (١/ ٤٥٩)، و"تفسير الثعلبي" (٤/ ٣٥) أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- بدأ ببني النضير.