للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقيل: كان ذلك حين حاصرَ غطفان، وجاءَ هذا الأعرابيُّ ورسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- متقلِّدٌ سيفَه، فقال له: يا محمَّد، أرني سيفَك، فأعطاهُ، فجعلَ يَهزُّه، ويقولُ: مَن يمنعُك منِّي، إلى آخره كما ذكرنا (١).

* * *

(١٢) - {وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ}.

وقوله تعالى: {وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ} اتصالُها بما قبلَها أنَّ اللَّهَ تعالى يقولُ لنبيِّه: لا تَعجبنَّ مِن نقض هؤلاء اليهود ميثاقهم معك، وقصدِهم قتلَك؛ فإنَّهم مِن أولادِ قومٍ أخذنا ميثاقَهم فنَقضوا.

وقوله تعالى: {وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا} أي: وبعثَ موسى هؤلاءِ بأمرِنا، والنَّقيبُ هو الملِكُ على قولِ ابن عبَّاس؛ أي: على كلِّ سبطٍ مِن بني إسرائيل ملكًا ورئيسًا (٢)، وهو مَنْ نَقَّب الشَّيء، سُمِّيَ به؛ لأَنَّه يُنقِّبُ عن أحوالِ قومِه، فيَقِفُ على مكنونِ أسرارِهم، ومنه المناقب، وهي الفضائل؛ لأَنَّها تَظهرُ بالتَّنقيب عنها.

وقيل: النُّقباءُ: الأمناء (٣)، وبعثَ موسى من الأسباطِ الاثني عشر اثنَي عشر أمينًا؛ ليَتعرَّفوا أخبارَ القوم الذين كانوا بأرض الشام مِن الجبَّارين، وكان اللَّه وعدَ بني


(١) في (ر): "ذكرناه"، وفي (ف): "ذكر". وانظر: "تفسير الثعلبي" (٤/ ٣٥).
(٢) انظر: "تفسير أبي الليث" (١/ ٤٢٢).
(٣) هو قول الربيع، رواه عنه الطبري في "تفسيره" (٨/ ٢٣٦).