للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والذين حمَلوها على الشَّهادةِ المعروفةِ، فتفسيرُ الآية على ذلك أنْ يُقال:

قوله: {شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ} هذا المصدرُ في معنى النَّعت، وأضمر في أوَّله العددَ، وتقديرُه: عددُ الشهود فيما بينكم إذا حضرَ أحدَكم الموتُ وقتَ الوصية اثنان عدلان من أهل دينِكم، أو آخران مِن غيرِ أهل دينكم، فقد كان يومئذٍ مَن كان خارج المدينةَ كلُّهم كفَّارًا، فلا يوجدُ المسلمُ فيهم إلَّا على السَّفر، يقول: فإن لم (١) يوجد المسلمان يُستشهَدُ الكافران.

وقوله تعالى: {فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا}؛ أي: هذين الشَّاهِدين الكافرين، {مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ}؛ أي: صلاة (٢) العصر، {فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ}؛ أي: شكَكتُم في صدقِ شهادتهما، فهو شرطُ التَّحليف: {لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا}؛ أي: يحلفان أنَّا لا نَستبدِلُ باسمِ اللَّه عرضًا يسيرًا من الدُّنيا، {وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى}؛ أي: الشَّهادةُ الكاذبةُ تَقعُ إمَّا للرَّغبةِ في الرِّشوةِ، أو للميلِ إلى ذي القرابة، فيَنفيان هذين المعنيين؛ لإثبات صدقِهما في الشَّهادة، وتحلِيفُ الشَّاهدِ كان في الابتداءِ ثمَّ نُسِخَ.

وقد رويَ عن عليٍّ رضي اللَّه عنه أنَّه كان يرى ذلك عند الارتياب.

وقوله تعالى: {وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ}؛ أي: الشَّهادةَ الحقَّ (٣) التي شرَعَها اللَّهُ تعالى.

وقوله: {إِنَّا إِذًا لَمِنَ الْآثِمِين}؛ أي: بكتمان الشَّهادةِ وتغييرها، قال تعالى: {وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} [البقرة: ٢٨٣].

* * *


(١) بعدها في (أ): "يكن".
(٢) قوله: "الصلاة أي صلاة" من (ر).
(٣) لفظ: "الحق" ليس في (أ).