للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والعاص بن وائل، والأسودُ بنُ عبدِ يَغوث، والأسودُ بنُ عبد المطَّلب، والحارث بن غيطلة، أتَوا رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في رهطٍ مِن أهلِ مكَّة، فقالوا: يا محمَّد، ابعثْ لنا بعضَ موتانا حتَّى نسألَهم عنك، أحقٌّ ما تقولُ أم باطل، فنؤمن بك؟ أو ائتِنا بالملائكة يَشهدونَ لك، أو ائتِنا باللَّه والملائكة قبيلا؛ أي كفيلًا على ما تَقولُ أنَّه الحقُّ، فنزلَت الآيةُ (١).

* * *

(١١٢) - {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ}.

وقوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ}؛ أي: وكما جعلنا لك يا محمَّد أعداءً مِن المشركين، مجتمعين على عداوتِكَ، يَسألونك الآياتِ المقترحةَ، ويصوِّرونَ عند أصحابِهم أنَّك عاجِزٌ عن الإتيان بها، فكذلك جعلنا لكلِّ نبي عدوًّا، وهذه تسليةٌ له وتعزية.

و {شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ} هم الخبثاءُ والبُعداءُ عن الخيرِ منهم، قال تعالى: {وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ} [البقرة: ١٤].

وقال الكلبيُّ: إنَّ إبليسَ قسمَ جندَهُ فريقَين، فبعثَ منهم فريقًا إلى الإنسِ، وفريقًا إلى الجنِّ، فشياطينُ الجنِّ والإنسِ أعداءٌ لرسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ولأوليائه، وهم يَلتقون في كلِّ حينٍ، فيقول شيطانُ الإنس لشيطان (٢) الجنِّ: أضللتُ صاحبي بكذا،


(١) ذكره ابن الجوزي في "زاد المسير" (٣/ ١٠٦) من رواية أبي صالح عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما.
(٢) في (أ) و (ر): "شياطين الإنس لشياطين" بدل: "شيطان الإنسان لشيطان".