وقوله تعالى: {وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ}؛ أي: ولِيَكتَسبوا مِن المعاصي ما يُريدون أنْ يقترفوا، كما قال: {فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ}؛ أي: ما تُريدُ أن تَقضيه.
وقيل: أي: ولِيَجْتَهدوا في تكذيبِ الأنبياء، وصَدِّ النَّاس عنهم ما في وسعِهم، فليس ذلك بضائرٍ لهم.
والصَّغْو والصُّغوُّ والصَّغَى (١): الميل، وصرفُه من باب: صنعَ وعَلِم.
والاقترافُ: الاكتساب، قال تعالى: {وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً} [الشورى: ٢٣].
وقيل: تتَّصلُ هذه الآيةُ بقوله: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ}؛ لينكشف بامتحاني إيَّاك بهم إيمانُ المؤمنين، وكفرُ الكافرين.
وقيل: {وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ} وهم الأتباعُ، {وَلِيَقْتَرِفُوا} فعلَهم {مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ} الرؤساء؛ أي: ليَشتركوا في الكفر.
* * *
(١١٤) - {أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ}.
وقوله تعالى: {أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا} استفهامٌ بمعنى الجَحْد، وبمعنى التوبيخ أيضًا.
وقال الكلبيُّ رحمه اللَّه: أي: قل لأهل مكَّة: أغيرَ اللَّه أبتغي ربًّا أعبدُه؟!.
وقوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا}؛ أي: مبيَّنًا مفرَّقًا في عشرين سنة سورةً سورةً وآياتٍ آيات.
(١) شكلت في (ف): "والصُّغِيُّ". وانظر: "لسان العرب" (مادة: صغا).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute