للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ}؛ أي: ما يَتَّبعون إلَّا الشَّكَ، قيل: هو قولهم: {هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} [يونس: ١٨].

وقوله تعالى: {وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ}؛ أي: وما هم إلَّا يَكذِبون، قيل: أي: في قولهم: {وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا}.

قيل: إنَّ المشركين قالوا لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: إنَّا نعبدُ الأصنامَ، وهي في الحقيقة عبادة اللَّه؛ لأنَّا {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر: ٣]، وكانوا يقولون: هم (١) شفعاؤنا عند اللَّه، وكانوا يرتكبون الفواحشَ ويقولون: اللَّهُ أمرَنا بها، ودعَوا رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى موافقتِهم، فنزلَت (٢) الآية.

* * *

(١١٧) - {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}.

وقوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} كان المشركون يقولون: نحن مهتدون وأنتم ضالُّون، فقال اللَّهُ تعالى هذا، وهو لطفٌ في الخطاب، وتحقيقُه: إنَّ اللَّه تعالى يَعلمُ أنَّ المشركين ضالُّون، وأنَّ المسلمين مهتدون، وهو كقوله: {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى} الآية [سبأ: ٢٤]، وقوله: {وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ} [غافر: ٢٨].

وقال الإمام القشيريُّ رحمه اللَّه: تَقاصرَت علومُ الخلقِ عن إدراك غيبهِ إلَّا بقدرِ ما عرَّفهم مِن أمرِه؛ فإنَّه لا يَخفى عليه شيءٌ مِن أمورِ خلقِه (٣).


(١) في (ر): "هؤلاء".
(٢) بعدها في (ر): "هذه".
(٣) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (١/ ٤٩٦).