للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال الكلبيُّ: نَزلت الآيةُ في عمَّارِ بن ياسر، صدَّقَ بمحمَّدٍ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، {وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا} إيمانًا يمشي بهِ مع المسلمين (١)، {كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ}، يعني: أبا جهل (٢) في ظلمات الكفرِ باللَّه، {لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا} ليس بمؤمِنٍ أبدًا، {كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ} أبي جهلٍ وذويه {مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.

وقال يمانُ بن رئاب: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ} هو عمرُ بنُ الخطَّاب رضي اللَّه عنه، {كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ} أبو جهل بن هشام (٣)، وكانا جميعًا يؤذيانِ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فدعا رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لأحدِهما، فاستُجيبَ له في عمر (٤).

وقال مقاتل: نزلت في أبي جهل، وذلك أنَّه قال: زاحَمْنا بني عبدِ منافٍ في الشَّرف، حتَّى إذا صِرنا كفرسَي رهانٍ -هذا مثلٌ يُضرَب به عند التساوي (٥) قالوا: منَّا نبيٌّ يُوحى إليه، واللَّهِ لا نؤمِنُ لهُ، ولا نتَّبعُهُ أبدًا، إلَّا أنْ يأتيَنا وحيٌ كما يأتيه، فأنزل اللَّه تعالى: {وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ} [الأنعام: ١٢٤] (٦).

وقال ابنُ عبَّاسٍ رضي اللَّه عنهما: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ} يريدُ به حمزةَ بنَ عبدِ المطَّلِب، {كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ}؛ يَعني: أبا جهلٍ، رمى رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بفرث،


(١) في (ف): "الناس".
(٢) انظر: "تفسير أبي الليث" (١/ ٥١١)، وذكره ابن الجوزي في "زاد المسير" (٣/ ١١٦) من رواية أبي صالح عن ابن عباس.
(٣) انظر: "تفسير الثعلبي" (٤/ ١٨٧). ورواه الطبري في "تفسيره" (٩/ ٥٣٤) عن عكرمة.
(٤) روى الترمذي في "سننه" (٣٦٨١) عن ابن عمر، أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "اللهم أعز الإسلام بأحب هذين الرجلين إليك بأبي جهل أو بعمر بن الخطاب"، قال: وكان أحبهما إليه عمر. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب.
(٥) قوله: "هذا مثل يضرب به عند التساوي" من (ر).
(٦) انظر: "تفسير مقاتل" (١/ ٥٨٧).