للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال: وما أضيف إلى الشيطان فهو وسوسةٌ، وما أُضيفَ إلى الكفَّار فهو دعوة، وما أُضيفَ إلى اللَّه فهو تخليقٌ وقضيَّة (١).

وقال الإمام القشيريُّ رحمه اللَّه: أهلُ الغفلةِ إذا أُلهِموا الذِّكرَ، فقد صاروا أحياءَ بعد الممات، وأربابُ الذِّكر إذا اعتراهُم نسيانٌ فقد ماتوا بعد الحياةِ، والذي هو في أنوارِ القُرْب، وروحِ الاستبصار، لا يُدانيهِ مَنْ هو في أسر الظُّلمات، ولا يُساويهِ مَن هو رهينُ الآفات (٢).

* * *

(١٢٣) - {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ}.

وقوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا}؛ أي: جَعلنا في كلِّ بلدةٍ مجرميها أكابرَ ورؤساءَ للنَّاس.

واتِّصالُها بما قبلها أنَّ تقديرَهُ: وكما جعلنا لمنْ أحْييناهُ بالإيمان نورًا يَمشي به، فكذلك جعلنا المجرمين أكابر، والأوَّل توفيقٌ، والثَّاني خذلانٌ.

وقيل: وكما وسَّعنا على أكابرِ قريشٍ في الدُّنيا حتَّى يَرأسوا على أهل مكَّة، فكذلك فعلنا بكلِّ قومٍ في كلِّ قريةٍ، وهو إبطالُ وهمِ الكفَّارِ أنَّهم فُضِّلوا على فقراء المسلمين بما أُعطوا من الرِّئاسةِ والسَّعةِ والبَسطة.

وقوله تعالى: {لِيَمْكُرُوا فِيهَا} قال ابنُ عبَّاسٍ رضي اللَّه عنهما: أي: ليَقولوا الكذبَ (٣)، وليَتَجبَّروا على النَّاس فيها، ويَعملوا بالمعاصي.


(١) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٤/ ٢٤٩ - ٢٥٠).
(٢) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (١/ ٤٩٨).
(٣) أورده ابن الجوزي في "زاد المسير" (٣/ ١١٨).