للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِنْدَ اللَّهِ}؛ أي: سينالُهم ذِلَّةٌ وتَصغيرُ قدرٍ.

وقوله تعالى: {وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ} قوله: {عِنْدَ اللَّهِ} قيل: أي: من عِند اللَّه، وقيل -وهو قولُ الفرَّاء-: إنَّ أَنَفَتَهُم مِن اتِّباعِ الحقِّ صغارٌ لهم عند اللَّه (١).

وقال الزَّجَّاجُ: أي {صَغَارٌ} في الآخرة ومجازاةٌ؛ أنَّه يَنالُهم ذلك إذا صاروا إلى جزائه (٢).

وقيل: {صَغَارٌ} معدٌّ لهم {عِنْدَ اللَّهِ}، والصغار والصُّغرُ بضمِّ الصَّاد هو الذُّلُّ، وصرفُه مِن حدِّ: عَلِم، ونعتُه الصَّاغِر، فأمَّا الصَّغيرُ الذي هو نقيضُ الكبير، فصرفُه من حدِّ (٣): شَرُفَ، ومصدرُه الصِّغَر؛ بكسرِ الصَّاد وفتح الغين.

وقوله: {وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ} وقد أصابَهم ذلك يومَ بدر.

وقيل: هو في المستهزئين به، وقد قُتِلَ كلُّ واحدٍ منهم بقتلٍ غيرِ قتل صاحبِه.

وقال الإمامُ القشيريُّ رحمَه اللَّه: بعد إزاحةِ (٤) العِلَّة، وبيانِ الحُجَّة، وزوالِ الشُّبهة، إقدامٌ (٥) على سوءِ الأدب، وذاك محال من الحال، والتَّصدِّي لمساواةِ أهل الاستحقاق نوعٌ مِن تَسويلات النَّفس، بل موجبٌ لدوامِ الهوان والرِّجس (٦).

* * *


(١) انظر: "معاني القرآن" للفراء (١/ ٣٥٣).
(٢) لم أقف عليه في "معاني القرآن" للزجاج.
(٣) في (ر): "باب" في الموضعين.
(٤) في (أ): "إزالة".
(٥) تمام العبارة في "لطائف الإشارات": "فالتعلل باستزادة البصيرة إقدام".
(٦) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (١/ ٤٩٩).