للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ} قد بيَّنَّا قبل هذا باَيتين أنَّ أبا جهلٍ -لعنه اللَّه- قال ذلك.

وقال ابنُ عبَّاسٍ رضي اللَّه عنهما: أي: إذا أنزلت عليهم آيةٌ مِن السَّماء قال الوليد بن المغيرة وأبو مسعود الثقفي: {لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ} مِن الآياتِ فنكونَ أنبياء (١).

وقيل: أي: نؤتَى من الآياتِ مثلَ ما أوتوا، فيُعظمَنا النَّاسُ (٢) بها، وهذه غاية السَّفه؛ أن يُقالَ لرجلٍ (٣): آمن، فيقول: لا أؤمن حتَّى يَجعلني اللَّهُ نبيًّا.

وقال الضَّحَّاك: سأل كلُّ واحدٍ مِن القوم أنْ يُخَصَّ بالوحي والرِّسالة، كما أخبرَ اللَّهُ تعالى عنهم: {بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتَى صُحُفًا مُنَشَّرَةً} (٤).

وقال مقاتل: قال الوليد بن المغيرة: واللَّه لو كانت النبوَّة حقًّا، لكنت أولى بها منك؛ لأني أكبرُ منك سِنًّا وأكثر منك مالًا، أو أنزلت على أبي مسعودٍ الثَّقفيِّ، فنزلت: {وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ} [الزخرف: ٣١] (٥)؛ يعني: مكَّة والطائف، ونزل قولُه تعالى: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ}؛ أي: ليس إعطاءُ النَّبوَّة بالشَّهوات، وإنَّما هو بتخصيصِ اللَّه بها مَن راص أهلًا لها، وهؤلاء الكفار محرومون (٦)، وعن صفاتِ الحمد مُتعَرُّون (٧).


(١) ذكر نحوه أبو الليث في "تفسيره" (١/ ٥١١) دون نسبته لابن عباس رضي اللَّه عنهما.
(٢) في (أ): "اللَّه".
(٣) في (ف): "للرجل".
(٤) انظر: "التفسير البسيط" للواحدي (٨/ ٤١٢).
(٥) انظر: "تفسير مقاتل" (١/ ٥٨٨)، و"تفسير الثعلبي" (٤/ ١٨٧).
(٦) في (ر) و (ف): "محرمون".
(٧) في (ر): "مبعدون".