للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(١٢٨) - {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَامَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ}.

وقوله تعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا} (١)؛ أي: خوِّفهُم يومَ يبعثُهم (٢) فيه جميعًا.

وقوله تعالى: {يَامَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ}؛ أي: ويَقول -هذا مضمَرٌ يَدُلُّ عليه الحال-: يا معشرَ الشَّياطين، قد أضللتمُ الخلقَ الكثيرَ مِن الإنس، إشارةً إلى قوله: {وَلَأُضِلَّنَّهُمْ} [النساء: ١١٩]، {لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا} [النساء: ١١٨]، {لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ} إلى قوله: {وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ} [الأعراف: ١٦ - ١٧]، وقال: {وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [سبأ: ٢٠].

وقوله تعالى: {وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ}؛ أي: أولياءُ الجنِّ: {رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ}؛ أي: انتفع الجنُّ بالإنسِ، والانسُ بالجنِّ.

قال الكلبيُّ: كان استمتاعُ بعضهم ببعض: أنَّ الرَّجلَ مِن الإنسِ كان إذا سافرَ أو خرجَ، فصارَ بأرضٍ قفرةٍ، أو أصابَ صيدًا مِن صيدِهم، فخافَ على نفسه مِنهم، قال: أعوذُ بسيِّد هذا الوادي مِن سفهاءِ قومِه، فيَبيتُ في جوارٍ منهم، فهذا استمتاعُ الإنسِ بالجنِّ، واستمتاعُ الجنِّ بالإنس: أن قالوا: قد سُدْنا الإنسَ والجنَّ حين عاذَ الإنسُ بنا، فيَزدادون بذلك شرفًا في قومِهم، وعِظَمًا في أنفسِهم (٣). وكذلك قال عكرمةُ ومجاهد (٤) وجماعة (٥).


(١) في (ف): "نحشرهم".
(٢) بعدها في (ف): "اللَّه".
(٣) انظر: "تفسير الثعلبي" (٤/ ١٩٠).
(٤) في (ف): "وقال مجاهد".
(٥) ذكره الواحدي في "التفسير البسيط" (٨/ ٤٣٦) عن الحسن وابن جريج والكلبي وعكرمة.