للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

العار، وإنما قال: {لِكَثِيرٍ}، ولم يقل: للكلِّ؛ لأنَّ بني كنانة كانوا لا يَئدون البنات، روي ذلك عن الحسن ومجاهد والسُّدِّي (١).

وله وجه آخر: قال الكلبيُّ: كان لآلهتهم سَدَنَةٌ وخُدَّامٌ، هم الذين يُزيِّنون للكفَّارِ قتلَ أولادِهم، وكان الرَّجلُ يَحلِفُ في الجاهليَّة: لئن وُرلدَ له كذا غلامًا، ليَنحرنَّ أحدَهم، كما حلف عبدُ المطَّلب على ابنِه عبد اللَّه (٢)، وشركاؤهم هم السَّدنَةُ، وقتل الأولاد بهذا الوجه، وهو ممَّا لم يَأذن به اللَّه.

وقوله تعالى: {لِيُرْدُوهُمْ}؛ أي: ليهلكوهم وقد رَدِيَ يَرْدَى ردًا، من باب: عَلِمَ؛ أي: هلك، وأرداهُ غيرُه إرداءً.

وقوله تعالى: {وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ}؛ أي: ليُشبَّهوا ويُخَلِّطوا؛ أي: يُدخِلوا الشُّبهات والتَّخاليطَ في الدِّين الذي شرعَهُ اللَّهُ لهم، فيَتركوه.

وقال الكلبيُّ: وكانوا على دينِ إسماعيل (٣).

ويحتمل: {وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ} الباطل، وهو الشِّركُ فيَلزموه، والدِّينُ يَقعُ على الحقِّ والباطلِ، قال تعالى: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} [الكافرون: ٦].

وقوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ} فثَبتَ أنَّ الكائناتِ كلَّها بمشيئةِ اللَّهِ تعالى جلَّ جلالُه، وبطلَ به مذهبُ المعتزلة.

وقوله تعالى: {فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ}؛ أي: يَكذبون بقولهم: {وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا} [الأعراف: ٢٨].


(١) المروي عن مجاهد والسدي عند الطبري في "تفسيره" (٩/ ٥٧٥ - ٥٧٦) تزيين الشياطين للمشركين قتل أولادهم، وليس فيه استثناء بني كنانة من هذا الفعل.
(٢) انظر: "تفسير الثعلبي" (٤/ ١٩٤).
(٣) انظر: "التفسير البسيط" للواحدي (٨/ ٤٦٢).