للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقرأ ابنُ عامر: {زُيِّنَ لكثيرٍ مِن المشركين قتلُ أولادَهم شركائهم} بضمِّ الزَّاي، ونصب الأولاد، وخفضِ الشُّركاء (١)، وتقديره: قتلُ شركائِهم أولادَهم، ففصل بين المضافِ والمضاف إليه، وقد وردَ مثل ذلك في الشعر، قال قائلهم شعر:

فزَججتُها بِمِزَجَّةٍ... زجَّ القلوصَ أبي مَزَادَهْ (٢)

أي: زجَّ (٣) أبي مزادةَ القلوصَ.

وأكثرُ النَّحويين على أنَّه لا يجوزُ؛ لأنَّ القرآنَ لا يُحمَلُ على الشَّاذِّ القبيح (٤)، وقالوا: إنَّما حملَهُ على هذه القراءة؛ لأنَّها في مصاحفِ أهل الشام: {شركائهم} بالياء.

ويجوزُ حملُ ذلك على وجهٍ آخرَ أحسن من هذا: {أَوْلَادِهِمْ} بالخفض، و {شُرَكَاؤُهُمْ} كذلك؛ على أنَّه بدلٌ عنه.

وسُمُّوا شركاءَ لأنَّهم يَشْرَكونَهم في النَّسب والنَّعم والميراث.


(١) انظر: "السبعة" (ص: ٢٧٠)، و"التيسير" (ص: ١٠٧).
(٢) البيت في "الكتاب" (١/ ١٧٦)، و"معاني القرآن" للزجاج (٣/ ١٦٩)، و"الخصائص" لابن جني (٢/ ٤٠٦)، و"خزانة الأدب" (٤/ ٤١٥) وغيرها دون نسبة. قال عبد القادر البغدادي في "الخزانة": (٤/ ٤١٥): قال ابن خلف: هذا البيت يروى لبعض المدنيين المولدين، وقيل: هو لبعض المؤنثين ممن لا يحتج بشعره.
يقال: زججتُهُ زجًّا: إذا طعنته بالزُّجِّ، وهي الحديدة التي في أسفل الرمح. والقلوص: الناقة الشابة.
وأبو مزادة: كنية رجل.
(٣) في (أ): "كزج".
(٤) وقد بين الإمام أبو حيان وجوه هذه القراءة، ورد على منكريها في "البحر المحيط" (٨/ ٤٢٣ - ٤٢٦)، فانظره.